لم يتذكر معظم العرب نكبة فلسطين .. إلا أن الفلسطيني المنكوب ، فاقد الأرض ، الهائم في مختلف أنحاء العالم تذكر .. ففي مثل هذا الشهر ، مايو من عام 1948 طرد الفلسطينيون من أرضهم وحل الإسرائيليون محلهم ، أخذوا الأرض وسرقوا منازل الفلسطينيين ، وأقاموا دولة إسرائيل على أنقاض المواطن الفلسطيني وأرضه . كنت أتمنى أن يفاجئنا القادة الفلسطينيون بضم بلاد فتح ( رام الله ) إلى بلاد حماس (غزة ) بمناسبة هذه الذكرى البغيضة وتوحيد أرض فلسطين ما بعد أوسلو ، أو ما تبقى منها ، إلا أنه يبدو أن حسابات قادة فلسطين هؤلاء تتمركز في حساباتهم الخاصة ، وليس في مصلحة الشعب الفلسطيني المسكين ..وهم بذلك يؤكدون مشرقيتهم ويتشبهون بالكثيرين من قادة الشرق الأوسط ، الذين يعتبر كل منهم أن كرسيه أكثر قدسية من الشعب والوطن . قادة إسرائيل ، يتزعمهم هذه الأيام نتنياهو ، استهانوا وسخروا من قادة فلسطين ورفاقهم القادة العرب وضحكوا من أوباما ، الذي جاء إلى البيت الأبيض معلناً رغبته في تحقيق السلام .. إذ تمكنوا من عدم تمكينه من شيء مما يتحدث عنه بالرغم من مضي حوالي ثماني سنوات على رأس الولاياتالمتحدة الأميركية ، الراعي الرسمي للدولة الإسرائيلية . ولم يكن سبب عدم تذكر معظم العرب ذكرى النكبة الفلسطينية فقدانهم الذاكرة ، وإنما وقوع نكبات أخرى بهم جعلت الملايين منهم يتركون بيوتهم ، وأوطانهم ، ويتحولون إلى لاجئين داخل بلادهم وخارجها .. وإلى جماعات غير مرغوب فيهم حيث كانوا في مخيمات اللاجئين بالدول المجاورة لأوطانهم .. مثلهم مثل أشقائهم اللاجئين الفلسطينيين قبلهم . سوريا تمثل أبشع مأساة ، إذ نجحت حربها الأهلية ، بمشاركة من حكومتها ورئيسها ومساهمة فعالة من الدولة الفارسية وجماعاتها الإرهابية وعلى رأسها حزب الله اللبناني .. وبتغطية دموية جوية من روسيا الإتحادية التي عادت للحياة بعد موت الاتحاد السوفيتي ، وبمواقف سلبية من البيت الأبيض الأميركي الذي لم يقبل تسليح الثوار فحسب بل ومنع حلفاءه وأصدقاءه أن يفعلوا ذلك وقرر ترك السوري لكي يدمر بيته ويهجر منه ويموت تحت أنقاض مخيماته التي لجأ إليها . وبالطبع هناك العراق الذي سبق سوريا في الدمار والحروب والتهجير ، وكذلك ليبيا واليمن ، وقبلها الصومال .. ويقال ، والله أعلم ، أن المأساة لم تكتمل بعد ، ولو أتيحت للسكان الحاليين في البيت الأبيض أربع سنوات أخرى ، لساهموا بشكل أكثر فاعلية في (نكبة ) ما تبقى من العالم العربي . فالثورات ( الربيعية ) التي أسقطت الأنظمة التي تركها السوفيت قائمة في أوربا الشرقية أدت في العالم العربي الى فوضى مدمرة ونشوء دول فاشلة وأججت النزاعات المذهبية . وهي في سبيلها إلى تفكيك ما تبقى من مخطط سايكس - بيكو الذي حددته الدول الاستعمارية الأوربية عندما ورثت تركة الإمبراطورية العثمانية . والسؤال الأكبر الآن .. هل يسعى حكام المنطقة وتشمل باكستان وأفغانستان وإيران وتركيا إلى جانب العرب ، إلى حماية ما تبقى من بنيان إقليمي ويتعاونوا على حماية بعضهم البعض ، أم أن غير العرب يعتقدون أن العرب هم المستهدفون فقط ، وأن دور بعضهم هو التهام ما يمكن من القطع العربية الصغيرة التي ستتمزق ؟!. [email protected]