66 عاماً على نكبة فلسطين ولا يزال صدأ المفاتيح مطبوعاً على قطع قماش ملفوفة كصكوك ملكية لبيوت لم تعد موجودة. 66 عاماً والفلسطينيون يشهدون ولادة نكبتهم كل يوم إن في غربتهم اللانهائية في الشتات أو في أراضي قضمها الاحتلال ولم يبقِ منها سوى أجزاء مقطّعة الأوصال وإن في داخل كيان يذكّرهم كل يوم بخسارتهم. ولكن الإحساس بالخسارة لا يهزّ تمسّك الفلسطينيين بحق العودة إلى أرضهم رغم طول فترة انتظارهم وغياب أي أفق حل يعيد إليهم أرضهم أو يمنحهم دولة ذات سيادة تكون القدس عاصمتها ويعيد اللاجئين إلى أراضيهم. فالبعض منهم حاولوا العودة فعلياً إلى قراهم المهجّرة وأعادوا بناء منازلهم قبل أن يدمّرها الجيش الإسرائيلي كما حصل مع سكان قرية كفربرعم الذين استعاضوا عن ذلك بإقامة أعراسهم في كنيسة القرية ودفن موتاهم هناك، بينما نظم آخرون مسيرات "عودة" إلى قراهم غالباً ما تفرقها القوات الإسرائيلية. فيوم الثلثاء في السادس من أيار (مايو) الجاري شارك نحو عشرة الاف من فلسطينيي 48 في مسيرة توجهت الى قرية لوبية الفلسطينية المهجرة في قضاء طبريا شمال إسرائيل تحت شعار "يوم استقلالكم يوم نكبتنا". وسقطت قرية لوبية غرب طبريا في 16 تموز (يوليو) 1948 بأيدي الميليشيات اليهودية، وكان يسكنها في حينه 2726 شخصا وتتألف من 596 بيتا وتقدر مساحة اراضيها ب32895 دونماً. ومنذ احتفال إسرائيل بما تعتبره يوم استقلالها، يحيي الفلسطينيون ذكرى نكبتهم التي أرغم خلالها نحو 760 ألف فلسطيني على مغادرة قراهم ومدنهم بحلول أيار (مايو) 1948، بمسيرات ومهرجانات وفعاليات سياسية وفنية وثقافية. واليوم أطلقت صفارات الإنذار لمدة 66 ثانية في محافظاتالضفة الغربية وقطاع غزة، إيذانا بانطلاق فعاليات إحياء الذكرى ال66 للنكبة. وشارك الآلاف في قطاع غزة، في مهرجان مركزي أقيم في مدينة غزة إحياء لذكرى النكبة، ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، وأكد عدد من المتحدثين من مختلف الفصائل ضرورة إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، مثمنين الجهود التي بذلت مؤخرا بهذا الصدد. وفي نابلس، تم إحياء ذكرى النكبة ال66 في مهرجان أقيم في مدرسة سمير سعد الدين شرق المدينة، حيث حمل بعض المشاركين لافتات كتب عليها "عودتنا حتمية ولأسرانا وأقصانا الحرية" و"العودة إلى الديار حق مقدس لا يسقط بالتقادم"، بينما توسطت شاحنة تعود لعام 1941 المشاركين. وأحيا الفلسطينيون في محافظة سلفيت الذكرى في مسيرة حاشدة سبقها وقفة تضامنية مع الأسرى ورفعوا رايات سوداء، ورددوا هتافات تعبر عن تضامنهم ودعمهم للأسرى الذين يخوضون معركة الإضراب المفتوح عن الطعام لليوم الثاني والعشرين على التوالي. وقد تختلف ذكرى النكبة هذا العام عن السنوات الماضية بحلولها بعد أقل من شهر على توقيع اتفاق مصالحة وطنية بين حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية أخرج مئات الغزيّين في تظاهرات فرح بإنهاء الانقسام. ولم يتأخر الرد الإسرائيلي على الاتفاق حيث أعلنت تل أبيب إلغاء المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وهو أمر رد عليه الرئيس محمود عباس بتأكيده أن اتفاق المصالحة لا يتعارض مع محادثات السلام مع إسرائيل وحل الدولتين. وتأتي الذكرى أيضاً على وقع الاستعدادات لزيارة البابا فرنسيس الأول للأراضي الفلسطينية هذا الشهر يرافقه بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق للطائفة المارونية في لبنان مار بشارة الراعي. ذكرى النكبة هي ذكرى احتلال عصابات يهودية مسلحة عام 1948 فلسطين وقتلها وتهجيرها مئات الآلاف من أصحابها وتدميرها نحو 531 قرية ومدينة فلسطينية قبل إعلان قيام دولة إسرائيل عليها. وأعلن قيام دولة إسرائيل عام 1948، تفعيلاً لقرار الأممالمتحدة بتقسيم فلسطين بين جماعات يهودية والفلسطينيين الذين تم تهجير نحو 800 ألف منهم آنذاك إلى الضفة الغربية وقطاع غزة وعدد من الدول العربية. ولا يزال العديد من الفلسطينيين يحتفظون بمفاتيح بيوتهم التي هجّروا منها على أمل عودة قريبة طالت حتى اليوم 66 عاماً وقد تطول إلى ما لا نهاية.