حسمت ندوة فقهية علمية في جامعة أم القري أمس، الجدل القائم حول موقع الحجر الذي اقتطعته قريش من الكعبة المشرفة وهل هو نفسه الذي أقيم علي قواعد إبراهيم، وأكد الفقهاء أن موضع الحجر الذي أنشئ على قواعد إبراهيم هو نفسه ولم يتغير. وقال العلماء المشاركون في ندوة «المسجد الحرام فضائله وأحكامه وآدابه» أمس، في جامعة أم القري: إن الحجر منذ عهد قريش إلى يومنا هذا لم يتغير فهو موقعه صحيح. وقال الشيخ الدكتور علي بن عباس الحكمي عضو هيئة كبار العلماء وعضو المجلس الأعلى للقضاء، بالرجوع إلى الباحثين المتخصصين في مسائل التحقيق في هذه المسائل، تبين أن موضع الحجر والكعبة المشرفة هو نفسه الذي كان عليه منذ عهد إبراهيم عليه السلام. وقال الشيخ صالح بن محمد آل طالب إمام وخطيب المسجد الحرام: إن ما ذكره الدكتور علي الحكمي بأن الحجر منذ عهد قريش إلى يومنا هذا لم يتغير فهو صحيح، ومثبت وتواتر عليه الإجماع، والراوي عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنه يقول: إنه عندما أعاد بناءها كما كانت على عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام قال: إنني حفرتها حتى وصلت إلى قواعد إبراهيم ووصف ابن الزبير رضي الله عنه الحجارة، ومن هنا ظهر القول أن الحجر هو موضعه الحقيقي وهو مارجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه. وتناولت الندوة حكم اتصال المسعى بالمسجد الحرام، وقال الدكتور وائل بن محمد رزق: إن الفقهاء اختلفوا في حكم اتصال المسعى بالمسجد الحرام وهل يحكم للمسعى بعد اتصاله بالمسجد الحراتم بأن يأخذ حكم المسجد أم لا،، وكان خلافهم على ثلاثة آراء الأول أن المسعى بعد دخوله ضمن مبنى المسجد الحرام لا يأخذ حكم المسجد ولا تشمله أحكامه، وهذا الرأي هو ذهب إليه جمهور الفقهاء المعاصرين، والرأي الثاني أن المسعى بعد دخوله ضمن مبنى المسجد الحرام يأخذ حكم المسجد وتشمله أحكامه، وهذا الرأي ذهب إليه بعض الفقهاء المعاصرين، فقد اعترض علي القرار السابق للمجمع الفقهي ثلاثة من أعضائه ووقعوا بعد الموافقة عليه والرأي الثالث التوقف أو عدم القطع بمسجدية المسعى على الإطلاق أو عدم مسجديته على الإطلاق. وكان مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري بن معتوق عساس قد افتتح الندوة العلمية التي نظمتها الجامعة، ممثلة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالتعاون مع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بعنوان «المسجد الحرام فضائله وأحكامه وآدابه» بحضور الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس وبمشاركة أصحاب المعالي والفضيلة وأعضاء هيئة كبار العلماء. من جانبه ألقى عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية رئيس اللجنة المنظمة للندوة الدكتور غازي بن مرشد العتيبي، كلمة أوضح فيها أن المتغيرات المتسارعة التي يعيشها عالمنا اليوم واختلاف الأحوال في الأنماط الاجتماعية والاقتصادية والتقنية وغيرها، الأمر الذي ألقى بظلاله على طبيعة المسائل التي تواجه العلماء في المجالات السلوكية والعبادية والمالية والطبية والأسرية وسائر شؤون الحياة، كالطواف في البدروم واستعمال الهاتف النقال في المسجد الحرام واتصال المسعى بالمسجد وإجراء عقود المعاوضات فيه كتأجير العربات ونحو ذلك من المسائل التي تقتضي من أهل العلم والإيمان أن يبذلوا قصارى جهدهم في التعرف على أحكام هذه النوازل. وطالب الدكتور العتيبي الجهات الأكاديمية والمؤسسات والمراكز العلمية بأداء رسالتها نحو المجتمع وتعزز دورها الاجتماعي بالبحث والدراسة، وجعل المشاركة في إصلاح المجتمع جزءا مهما من مسؤوليتها وتوليه ما يستحق من العناية والاهتمام. بدوره أشار الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إلى أن ندوة ( المسجد الحرام فضائله وآدابه وأحكامه ) تأتي في إطار التعاون والشراكة بين الرئاسة والجامعة خدمة للحرمين الشريفين وقاصديهما والارتقاء برسالتهما نحو تطلعات القيادة الرشيدة – وفقها الله – والاستفادة مما تزخر به جامعاتنا من النخب العلمية في شتى المجالات، وتفعيلا للدراسات العلمية والبحثية فيما يعنى بأشرف بقعة وأقدس مكان، تحقيقا للأهداف التي تخدم الأمة والتعريف والتوعية بمكانة المسجد الحرام وبيان فضائله وآدابه كبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالمسجد الحرام لاسيما النوازل والمستجدات الفقهية، ومنها ربط الأمة بمقدساتها واهتمامها بها وما يتعلق بشؤونها من خلال التوجيهات السديدة لولاة الأمر – حفظهم الله - أحكام فقهية وقال: إن الندوة تناقش الأحكام الفقهية المتعلقة بالمسجد الحرام انطلاقًا من النصوص الشرعية، مشيرًا إلى أن مرتادي المسجد الحرام بحاجة ماسة لمثل هذه الندوات التأصيلية والعلمية والفقهية، التي تعمل على رفع الحرج عنهم بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة، ولهذا أن المؤمل أن يخرج المشاركون فيها بتوصيات نافعة تصب في مصلحة الحرمين الشريفين من خلال مشاركة المجامع الفقهية في هذا الخصوص، ليصل الجميع إلى زبدة علمية تستمد تكوين لجنة علمية تدرس الحرم المكي الشريف في جميع جوانبه التاريخية والفقهية والعقدية والعمارة الهندسية. أعقب ذلك مدير الجامعة الدكتور بكري بن معتوق عساس، بكلمة تطرق فيها إلى دور جامعة أم القرى من خلال كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ونُهُوضِها بعلومِ الشريعةِ واللغةِ طوالَ سبعةِ عقودٍ، وإسهامها في خدمةِ المسجدِ الحرامِ على مستوى الإمامةِ والخطابةِ والتعليمِ والإرشادِ فيه كونها مستقر الآلاف من أعلام الأمة وعلمائها، إلى جانب إسهام الجامعة بالمشورةِ الهندسيةِ في بنائِهِ، والبحثِ العلميِّ في كل قضايا زوَّارِهِ من ضيوفِ الرحمنِ. فلاغَرْوَ أنْ تَحرص هذه الكلية العريقة على عقد ندوةً مختصةً بفضائلِ المسجدِ الحرامِ وأحكامِهِ بالتعاون مع الرئاسةِ العامةِ لشؤون المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النبويِّ. المزيد من الصور :