أعلن وزير الخارجية عادل الجبير عن قطع المملكة العربية السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وطلبها مغادرة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية (السفارة - القنصلية - المكاتب التابعة لهما) خلال 48 ساعة. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده ليلة أمس بمقر وزارة الخارجية بالرياض. ثم استعرض رئيس الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية السفير أسامة بن أحمد نقلي، تفاصيل تطورات الأحداث العدوانية التي تعرضت لها كل من سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مشهد. وقال: فيما يتعلق بالاعتداء على بعثتي المملكة، جرى تسلسل الأحداث والاعتداءات على النحوالتالي:- تلقت السفارة في طهران صباح يوم السبت 22 / 3 / 1437 ه عدة اتصالات هاتفية بتهديد منسوبيها بالقتل. وفي تمام الساعة (2:20) ظهر نفس اليوم بدأ توافد الحشود أمام السفارة، وتحرك القائم بأعمال السفارة فورًا بالاتصال بالخارجية الإيرانية لإحاطتها بذلك، ومطالبتها بتأمين الحماية للسفارة إلا أنه لم يجد أي تجاوب. وعند حوالى الساعة (9:30) مساء السبت 22 / 3 / 1437ه، احتشدت جموع أخرى من المتجمهرين أمام مقر السفارة، وقامت بقذفها بعبوات حارقة ورشقها بالحجارة. وفي حوالى الساعة الثانية من فجر يوم الأحد 23 / 3 / 1437 ه لوحظ أنه تم استبدال الحشود الأولى بحشود جديدة حلت مكانها، حيث قام اثنان منهم باقتحام السفارة، وإحراق أجزاء من المبنى. وقرابة الثانية والنصف فجرًا بتوقيت طهران اقتحم المحتشدون مبنى السفارة، وتواصل القائم بأعمال السفارة مجددًا مع الخارجية الإيرانية إلا أنه لم يجد منهم أي تجاوب أيضا. وحاول القائم بالأعمال بالنيابة الحصول على حماية لزيارة مقر السفارة لتفقده، إلا أنه لم يمكن من ذلك إلا بعد عصر أمس الأحد 23 / 3 / 1437 ه، حيث وجد أن المبنى طاله الخراب والدمار، وتم تكسير محتوياته، ونهب وسرقة ما به من أجهزة وأثات. وفي حوالى الساعة (3:30) فجر الأحد 23 / 3 / 1437ه تم قطع التيار الكهربائي عن الحي الذي تقع به مساكن موظفي السفارة ولمدة ساعة. وفيما يتعلق بالاعتداءات على القنصلية العامة في مشهد جرت الأحداث كالتالي: - في الساعة (11) صباح يوم السبت 22 / 3 / 1437ه اقتحمت سيارة أجرة وبشكل مباشر بوابة الحاجز الأمني للقنصلية في محاولة لاقتحام بوابة القنصلية الداخلية، دون أن تمنعها السلطات الإيرانية من ذلك. وفي حوالى الساعة (4:30) من مساء يوم السبت 22 / 3 / 1437ه تجمعت حشود أمام مبنى القنصلية تُقدر بحوالى أكثر من ألفي شخص، وقاموا برشق المبنى بالحجارة والعبوات النارية الحارقة، مما أدى إلى تكسير بعض النوافذ الزجاجية الخارجية للمبنى، وحاولت مجموعة منهم اقتحام المبنى إلا أنها لم تتمكن من ذلك، ولم تقم السلطات الإيرانية بأي جهد لمنع مثل هذه الأعمال الإجرامية أواعتقال المتسببين فيها. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها بعثة المملكة في طهران ومشهد مثل هذه الاعتداءات، بل سبقتها اعتداءات مماثلة خلال السنين الماضية، تحت مرأى ومسمع من الحكومة الإيرانية، دون اتخاذ أية تدابير للحفاظ على أمن وسلامة بعثة المملكة ومنسوبيها، أوتقديم الجناة للعدالة. وبناءً على هذه الاعتداءات فقد قامت المملكة باتخاذ الإجراءات التالية:أولًا: تم استدعاء السفير الإيراني لدى المملكة مساء يوم السبت الموافق 22 / 3 / 1437ه بمقر وزارة الخارجية، وتم تسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، حملت فيها النظام الإيراني مسؤولية هذه الاعتداءات بكاملها وذلك انطلاقًا من مسؤولية الدولة المضيفة في توفير الحماية للبعثات الأجنبية، وفقا لما نصت عليه الاتفاقيات والقوانين الدولية المشددة بهذا الشأن. ثانيًا: قامت المملكة بإحاطة مجلس الأمن الدولي بهذه الاعتداءات، إلى جانب إحاطة كل من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وطالبت مجلس الأمن الدولي بضمان حماية البعثات الدبلوماسية ومنسوبيها وفقا للاتفاقيات والقوانين الدولية. ثالثًا: تم التواصل مع جميع الدول التي للمملكة علاقات بها لتوضيح التصريحات العدوانية الصادرة عن الحكومة الإيرانية التي أدت إلى التحريض بانتهاك حرمة السفارة السعودية في طهران والقنصلية العامة في مشهد. رابعًا: تم اتخاذ إجراءات الطوارئ لمثل هذه الحالات، والعمل على إجلاء عوائل منسوبي البعثة من النساء والأطفال البالغ عددهم 47 فردًا، وكان من المفترض أن يغادروا على رحلة طيران الإمارات التي تقلع الساعة (7:20) مساءً بتوقيت طهران، إلا أن السلطات الإيرانية أعاقت مغادرتهم على هذه الرحلة، وتمت مغادرتهم على رحلة الساعة العاشرة مساءً هذا اليوم بتوقيت طهران، وهم الآن في طريقهم إلى أرض الوطن، وفي هذا الصدد نشكر دولة الإمارات العربية المتحدة على مساعدتها في عملية الإجلاء لمنسوبي البعثة في إيران، كما نشكر دول مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، وعددا من الدول على مواقفها الحازمة ضد الاعتداءات التي تعرضت لها البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران. وفي الختام أود الإشارة إلى أن جميع أفراد البعثة الدبلوماسية ومنسوبيها في طهران ومشهد لم يتعرضوا لأي أذى ولله الحمد سواء من بقي في إيران أوغادرها، ونحن حريصون على ضمان أمنهم وسلامتهم من خلال المتابعة المستمرة. ثم ألقى وزير الخارجية عادل الجبير كلمة فيما يلي نصها:»بعد اطلاعكم على تفاصيل الاعتداءات التي تعرضت لها ممثليات المملكة في إيران، أود الإشارة إلى أن النظام الإيراني يحمل سجلًا طويلًا في انتهاك حرمة البعثات الدبلوماسية الأجنبية، ومن ذلك على سبيل المثال احتلاله للسفارة الأمريكية في عام 1979م، والاعتداء على السفارة البريطانية عام 2011م، ويوم البارحة الاعتداء على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها العامة في مشهد. إن هذه الاعتداءات المستمرة للبعثات الدبلوماسية تشكل انتهاكًا صارخًا لكافة الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية. كما أن هذه الاعتداءات تأتي بعد تصريحات نظام إيران العدوانية التي شكلت تحريضًا سافرًا شجع على الاعتداء على بعثات المملكة. إن هذه الاعتداءات تعتبر استمرارًا لسياسة نظام إيران العدوانية في المنطقة التي تهدف إلى زعزعة أمنها واستقرارها، وإشاعة الفتن والحروب بها. وهذا الأمر يؤكده توفير نظام إيران ملاذًا آمنًا على أراضيها لزعامات القاعدة منذ العام 2001م. كما وفر النظام الإيراني الحماية لعدد من المتورطين في تفجير أبراج الخبر عام 1996م. يضاف إلى هذه الأعمال العدوانية، قيام النظام الإيراني بتهريب الأسلحة والمتفجرات وزرع الخلايا الإرهابية في المنطقة بما فيها المملكة، لنشر الاضطرابات بها. إن تاريخ إيران مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في شؤون الدول العربية، ودائمًا ما يصاحبه الخراب والدمار، وقتل الأرواح البريئة. والمملكة وفي ظل هذه الحقائق، تعلن عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وتطلب مغادرة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية (السفارة - القنصلية - المكاتب التابعة لهما) خلال 48 ساعة. وقد تم استدعاء السفير الإيراني لإبلاغه بذلك». وأكد الجبير أن هناك تحركات عربية عسكرية تجاه اي عدوان، والسعودية حريصة على رد العدوان الايراني، موضحا أن التدخلات الايرانية لا تخدم مصالحها. وأشار الجبير إلى انه تم هزيمة ايران في اليمن وسوريا والعراق، وتراجعت في افريقيا وشرق اسيا، مبينا أن السعودية تؤيد القوى العربية المنضمة إلى التحالف الاسلامي العسكري الذي يشمل 35 دولة، والذي سيعمل على مسارين الأول امني عسكري والثاني مسار فكري، وأن التحالف الإسلامي يهدف الى جمع كل قدرات العالم الاسلامي امنيا وفكريا وسياسيا واعلاميا وغيرها من الطرق. وعن تصريحات الخارجية الأمريكية حول تنفيذ أحكام القصاص التي صدرت الجمعة بحق 47 إرهابيا قال الجبير أوضحنا للجانب الامريكي أن المملكة لديها نظام قضاء عادل ومستقل ولانقبل أي تدخل في استقلالية القضاء السعودي، وما حصل هوادانة اشخاص قاموا بأعمال ارهابية ادت الى قتل ابرياء تم محاكمتهم بشكل شفاف وعادل وتم تنفيذ الأحكام، ولا يمكن ربط تنفيذ الأحكام بأي مذاهب اومناطق اوأي عرقية. وعن التهديدات التي تواجه السفارة السعودية في العراق قال نتابع بجدية التهديدات وتم التواصل مع الحكومة العراقية، وأكدت التزامها بالقوانين الدولية التي تحمي البعثات الدبلوماسية ومنشآتها، وبتوفير كافة الاحترازات الامنية، مضيفا لن نسمح لاحد بالاعتداء على أراضينا وشعبنا. وأوضح الجبير أنه لم يكن هناك تنسيق مع دول الخليج في قطع العلاقات مع ايران مشيرا الى ان دول الخليج ادانت عمل ايران اضافة الى عدد من الدول. واضاف الجبير ان المملكة لن تترك كافة الخيارات المتاحة لها وسنبذل كل ما في جهدنا لضمان حقوقنا وضمان الخطوات المستقبلية للملكة ومصالحنا والهدف هوحماية الشعب السعودي وأراضيها ومصالحها وتقديم الدعم للدول المتحالفة للمملكة لكي لا يصيبها أي ضرر.