جميل أن يشعر الانسان بقيمة عمله وجهوده المبذولة وهو على قيد الحياة، فالتكريم يُدخل السعادة على قلب كل شخص، فهو رمز لتقدير ما قام به من عمل؛ بإخلاص وتفانٍ وإيمان، سواء للوطن أو المجتمع. وعندما يأتي هذا التكريم مُتأخِّراً، فما قيمته لدى الشخص، فقد انتهى عطاؤه، ولم يعد بحاجة لتكريم أو لشهادات الشكر والأوسمة. واسمحوا لي أن أتناول موضوع هذا الأسبوع من جانبه الإنساني، لا القانوني، فما هو المردود من تكريم المبدع وقد رحل عن دنيانا، لماذا لا يكون هذا التكريم قبل رحيله، لكي يسعد هو ومن حوله، ونُدخل السرور على قلبٍ تعب وهو يعطي بإخلاص، ونرفع من معنوياته، وهذا التكريم يكون حافزاً قوياً لعطاءٍ أكثر، وولاء أكبر للوطن. للأسف، أكثر المُتفانين في أعمالهم مُجهولون بالنسبة للعامة، ولا نعرف عنهم أو نسمع بأسمائهم وإنجازاتهم إلا بعد فوات الأوان، وقد قُبضت أرواحهم، فلا نستعجب ذلك، لأن القاعدة الأساسية لدينا هي: «التكريم بعد الوفاة»، فلماذا لا تظهر إنجازاتهم وإبداعاتهم وهم بيننا، لنعرفهم ونفتخر بهم ونتباهى أنهم من أبناء هذا الوطن. فهناك كثيرون تم تكريمهم بعد وفاتهم، ولم أكن أسمع عنهم قط، حتى لحظة تكريمهم، مما يُشعرني بالحزن والأسى، وأنا أقرأ عن إنجازاتهم، فهناك بعض ممَّن كُرِّموا في حياتهم؛ لا يستحقون التكريم فعلياً، فمن غير الطبيعي أن يُكرَّم مسؤول ما في نهاية عمله، وقد عُرف عنه طوال فترة مسؤوليته بالتقصير والتهاون في مهامه التي كُلِّف بها، وفي آخر المطاف يُكرَّم بحفلٍ وخطابات وهدرٍ للأموال، وهو لا يستحق. فهل هذا التكريم منطقي؟! أتمنى من كل الجهات والوزارات، والمؤسسات والجمعيات، تكريم المبدعين المنتمية أعمالهم لها، أثناء مشوار حياتهم الإبداعي، لكي يزيد عطاؤهم للمجتمع، وإخلاصهم في عملهم، ويستمتعوا بلذة النجاح، فهم يعملون بقلبٍ مُخلص، ولا يبحثون عن المردود المادي بقدر ما يُقدِّمون من نفعٍ للبلاد. فهذا النوع من التكريم قد يكون للبعض شفاءً للجسد ممَّن هُم مَرْضَى، أو شفاءً للروح لمن يُعانون من مشاكل نفسية واجتماعية. كذلك أتمنى وضع معايير لكل مَن يُكرَّم، لمعرفة ما إذا كان الشخص يستحق ذلك التكريم أم لا، وألا نُدخل فيها المحسوبيات، مع العمل على إبراز كل شخص يقوم بمجهودٍ وعملٍ رائع يستحق الإشادة والتقدير.