التكريم بعد الفناء هو رثاء تقام فيه الحفلات وفي رأيي هو نوع من البكائيات التي لا تعني المبدع ولا الابداع في شيء، والكثير يطالب باعادة النظر حتى يغدو التكريم ثقافة عامة وليس مناسبة طارئة من منطلق عدم اهتمام المؤسسات الثقافية والعلمية بتكريم من يستحقون وانتظارها حتى يموت المبدع ويودع هذه الحياة ثم بعد ذلك يتم تكريمه وهو تحت الثرى، ولكن الخطوة التي حققتها جمعية الثقافة والفنون بجدة لتكريم الابداعات المتميزة بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي بأبرق الرغامة لاشك انها خطوة فرحنا بها رغم انها جاءت متأخرة جداً، إلا انها تحسب للجمعية لتكريمها رموز ورواد الثقافة والفنون بالمملكة الذين خدموا وطنهم في أكثر من اتجاه، وقد جاء تكريم العديد من الأسماء بحضور نخبة من رموز الأوساط الأدبية والثقافية والفنية ومن هذه الأسماء الفنان طارق عبدالحكيم والملحن سراج عمر وغازي علي ومحمد شفيق ومحمد امان وكثير من الرموز، ثم ان تبني الجمعية لهذا التكريم خلال العام الماضي، وهذا العام لفتة نقدرها لادراكها بأن التكريم لهؤلاء الذين آثروا المجتمع بعطاءاتهم وأعمالهم الابداعية اضاءة جديدة ونقط مفصلية في حياتهم وفاءً وعرفاناً لتفانيهم في مشوارهم. والسؤال الذي يؤرقنا أين المؤسسات والهيئات في عالم اليوم من تكريم الذين يستحقون ولماذا تتجاهل كثير من هذه المؤسات العلمية والثقافية والإعلامية الرواد وانجازاتهم في حياتهم، ثم هناك نقطة هامة تغيب عن قضية التكريم وهي لماذا التأخير في الاشادة بالمنجزات والابداعات؟ ولماذا لا نكرم من يستحق من الرواد والرموز قبل أن يشارفوا على الكبر ويداهمهم المرض؟ وهذا ما اشرت في بداية مقالي ان الجمعية تعتبر ما أقدمت عليه بادرة وقلت لكنها جاءت متأخرة فلماذا ننتظر حتى لا نستطيع تكريم من يستحق وأعجبتني كلمة الكاتبة بدرية الصالح وقد سئلت متى يكرم المبدع فأجابت بأن التكريم خلال الرحلة المضنية وأفضله في سنوات العطاء وقبل أن يبلغ الرمز او المبدع من الكبر عتياً أو يكون على مشارف الموت. فلماذا نعيش هذا التناقض العجيب تجاه هذه الثقافة؟ أو لنقل عدم فهم معنى قول الشاعر: لألفينك بعد الموت تندبني وفي حياتي مازودتني زادي وفي نفس المعنى يقول أحد الشعراء كلانا غني عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا