قالت «المُفكِّرة الإسلامية» أو هكذا ترى الأستاذة «فاطمة ناعوت» في نوبة ضجر وسخط: ماذا نفعل؟ القيادة تطلب منّا التنوير وتنقية الفكر الديني، والمحاكم تحبسنا! كانت الأستاذة تُعلِّق على القرار الصادر من القضاء بتخفيف الحكم على «المُفكِّر الإسلامي» أو هكذا ترى إسلام البحيري من خمس سنوات إلى سنة واحدة! والحق عندي أنها كانت بحق سنة سوداء أوغل فيها تطرف مدرسة داعش من جهة وتطرف مدرسة البحيري وفاطمة من جهة أخرى! والحاصل أن فاطمة فهمت الرسالة خطأ أو صوابًا، والله أعلم بها -بفاطمة بالتأكيد- فراحت تزمجر، مُطالبة بتبرئة البحيري الذي تلقَّى الرسالة -رسالة القيادة- الخاصة بتنقية التراث والفكر الديني، ونفّذها كاملة.. «من الجلدة للجلدة»، حتى طال أحاديث البخاري ذات نفسه.. والنتيجة أو كما يقول المصريون: و»آخرتها» سنة سجن!. المؤسف أن أقوال البحيري التي طغت وافترت في الفترة الأخيرة على أحاديث البخاري ومسلم، لاقت رواجًا كبيرًا في صفوف كثير من المثقفين والمُتنوِّرين الجُدد من الأدعياء والمدعين.. ولأن ذلك كذلك فقد تواصلت وما تزال حملات الدفاع عن إسلام البحيري باعتباره رائدًا للتنوير في مواجهة إسلام داعش..الذي هو بالفعل رائد للتعتيم والإظلام والتجهيل، وبين الاثنين -من وجهة نظري ونظر الكثيرين- علاقة كبيرة.. سواء على مستوى الطرح والتفكير أو على مستوى الترديد والترويج! أعود أو ألوذ بالمُفكِّر المصري العربي -بحق- جلال أمين، وأقرأ من كتابه عن التنوير الزائف ما يلي: إن ما ارتكب بعد عصر فلاسفة التنوير وما زال يُرتكب من جرائم ومن تقييد للحريات باسم الحرية نفسها وباسم حقوق الإنسان معروف للجميع! - لايجب أن نتوقع بالطبع أن يقول لنا دُعاة الحرية مَن هم الذين يستثنونهم من دعوتهم للحرية! - إن التعصب للدين وإن كان من الممكن أن يؤدي الى فظائع ومآسٍ، فإنه ليس بأية حال الصورة الوحيدة للتعصب الذميم المُولِّد للفظائع والمآسي. - عندما جاء روّاد التنوير العرب يدعوننا لتبني شعارات الحرية والتسامح والعقلانية كانت دعوتهم تحمل كل الرؤى الغربية! فعادى التنويريون العرب ما عاداه التنويريون في الغرب، وصادقوا ما صادقوه! - عادوا الدين أو استهانوا به، بينما لم يكن هذا بدوره مطلبًا بالمرة لتنويرنا وتقدمنا السياسي أو التكنولوجي أو العلمي! - إن عملية التنوير أو تحقيق الانتصار للعلم لا يمكن الفصل بينها وبين الملاءمة والفائدة واللياقة، ولا يمكن الحكم على ملاءمة إضافة معلومة دون النظر إلى السياق الذي تتم فيه هذه الإضافة! - إن أسوأ ما يفعله التنويريون العرب هو ما يُروّجونه من فكرٍ وموقف نفسي مضاد تمامًا لمتطلبات نهضة هذه الأمة.. فعظماء الأمة هم أفضل ما فيها.. والسخرية منهم هي سخرية من الأمة نفسها!. [email protected]