بقدر ما سعدت كثيرًا بالتصفيق الحاد من أعضاء الاتحاد الأوروبي للعاهل الأردني عبدالله بن الحسين وهو يتحدث أمامهم في ستراسبورج انتابني شعور بالغيظ والحسرة! هل كانت أوروبا والسادة الأعضاء يعلمون لأول مرة أن تحية الإسلام هي «السلام عليكم ورحمة الله»؟! هل كان حضراتهم يدركون لأول مرة أن من بين أسماء الله الحسنى في الإسلام «الرحمن الرحيم»؟! هل كانت القارة العجوز بكل ما فيها من منارات وجامعات ومراكز للفكر والحضارة، بل للتاريخ القديم والمعاصر تعرف لأول مرة أن المسيحيين العرب جزء لا يتجزأ من ماضي الأمة الإسلامية وحاضرها وواقعها؟! كنت أستمع وأشاهد كلمة العاهل الأردني وأنا أسأل نفسي: هل نامت أوروبا سنوات طويلة واستيقظت على كلمة الملك المسلم الشاب وهو يؤكد أن الاسلام يحرِّم هدم المساجد والكنائس والمعابد؟! أم أن سفاراتنا ودعاتنا وأئمتنا وشعراءنا ومفكرينا وباحثينا وأطباءنا ومهندسينا وأكاديميينا ناموا طويلًا طويلًا حتى اختلط صوت أنفاسهم أثناء النوم بأصوات تصدر من أفواه داعش والداعشيين؟! عشت في أوروبا سنوات كان فيها الأوروبيون يقبلون على الإسلام فرادى وجماعات، بل قل كانوا بالفعل يدخلون في دين الله الخاتم أفواجًا.. يتصدرهم ويزينهم رجاء جارودي ومراد هوفمان، وجاك فرانسوا فيو، ورولاند آلانسون، وكيت أليسون، وروجيه دوباكيه ودانيال مور وكات ستيفنز وكنودهولمبو ونور كواتوكارديلي ومارمادوك بكتال وعشرات بل ومئات آخرون. أقول عشت في أوروبا في تلك الفترة التي امتدت حتى التسعينيات وبداية الألفية الثالثة قبل أن يظهر لنا «داعش الأول» في 11 سبتمبر!! كنت أفهم أن يرعب 11 سبتمبر العالم من المسلمين بل ومن الإسلام المفترى عليه أيضًا، لكني لا أفهم كيف يمكن أن يتسبب هذا اليوم المشؤوم في رعب المسلمين من الإسلام؟! هذا ما حدث! أصابنا الرعب حتى من مجرد دفاعنا عن ديننا فصرنا أوروبيين وأمريكيين أكثر من الأوروبيين والأمريكيين.. بل صرنا مرعوبين أكثر من المرعوبين وكأن على إسلامنا «بطحة»! نمنا نحن ودخلنا في سبات عميق وبدأ الآخرون يعملون ليل نهار حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن: أعضاء الاتحاد الأوروبي العريق وفي مقدمتهم السيد مارتن شولتز يصفِّقون بشدة فور علمهم بأن تحية الإسلام هي «السلام عليكم»... قل: وعليكم السلام!!. [email protected]