في الأسبوع الماضي التقى خادم الحرمين الشريفين بأعضاء مجلس الشورى فيما أصبح تقليداً سنوياً يقدم فيه الملك كشف حساب إلى أعضاء المجلس حول توجهات الدولة وسياساتها وبرامجها. جاء الخطاب ليحمل إلى المواطنين مجموعة رسائل أساسية، الأولى هي أن المملكة ماضية بعزم في سياساتها الاقتصادية التنموية بالرغم من انخفاض أسعار النفط ومداخيله، ومع أن طبيعة الأمور سوف تقتضي شيئاً من التكيف وضبط الإنفاق إلا أن الزخم التنموي الأساسي لن يتأثر وخاصة في قطاعي التعليم والصحة اللذين أفرد لهما الملك مساحة واسعة في خطابه. الرسالة الثانية تتعلق بسياسة المملكة الخارجية وخاصة في القضايا الحيوية: فلسطين واليمن وسوريا، حيث أكد الملك على ثبات تأييد المملكة للشعب الفلسطيني، وحرصها على إنقاذ اليمن من الانزلاق الى مستنقع الصراع المذهبي والطائفي، وتمسكها بوحدة سوريا والوصول الى حل سياسي يتمثل في قيام حكومة انتقالية من قوى المعارضة المعتدلة تضمن خروج القوات الأجنبية والتنظيمات الإرهابية. الرسالة الثالثة أكدت على مبادئ الوحدة الوطنية والمساواة بين المواطنين ونبذ العنف والتطرف وإعلان الحرب بلا هوادة على الإرهاب عبر تحالف دولي إسلامي عسكري وفكري تقوده المملكة وتشارك فيه عشرات الدول الشقيقة والصديقة. الرسالة الرابعة تطرقت إلى ضرورة إعادة ترتيب البيت التنفيذي من الداخل وترشيد اللجان والهيئات عبر مجلسي الشئون السياسية والأمنية والشئون الاقتصادية والتنمية وإنشاء المركز الوطني لقياس الأداء. خلاصة الرسائل هي مزيد من العزم والحزم، ومزيد من الأمل والطموح، ومزيد من الكفاءة والفاعلية، وهي ملامح المرحلة الجديدة التي يمثلها عهد الملك سلمان. في خطاب رئيس مجلس الشورى علمنا أن انجازات المجلس تمثلت في أنه عقد إحدى وسبعين جلسة واتخذ مائة وستة وعشرين قراراً كان من بينها جملة من مشروعات الأنظمة واللوائح والاتفاقيات والتقارير والخطط، وجاء الخطاب في مجمله وكأنه تقرير عن إنجازات السلطة التنفيذية وما حققته من نتائج. لا أملك إلا أن أشعر أن مجلس الشورى يقف مشدوهاً ومنذهلاً من حجم التغيرات التي تحدث في البلاد على الصعيد الاقتصادي والإداري وحتى السياسي وأنه لا يحث الخطى لملاحقة هذه التطورات فضلاً عن استباقها، وقد كان الأولى أن يكون المجلس سباقاً الى اقتراح هذه الإصلاحات أو بعضها على الأقل. يا إخوتنا أعضاء المجلس، إن عليكم مسئولية كبرى تتمثل في المحافظة على دور المجلس وإثرائه وتطويره وحمايته، فلا تدعوا التاريخ يحكم عليكم بأنكم قد تأخرتم في اللحاق بسرعة العجلة في عهد سلمان، ملك العزم والتجديد. [email protected]