يلقي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اليوم (الأربعاء)، الخطاب السنوي تحت قبة مجلس الشورى. ويتناول فيه سياسة الدولة الداخلية والخارجية، ويأتي الخطاب الملكي متزامناً مع أحداث عدة تحيط بالمنطقة، فعلى الصعيد السياسي، أعلنت السعودية الأسبوع الماضي تشكيل تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب يضم 35 دولة إسلامية، حظي بتأييد دولي واسع النطاق، فيما يواصل التحالف العربي مساعيه من أجل إعادة الشرعية إلى اليمن، وتحالف آخر دولي لمكافحة التنظيمات الإرهابية. وداخلياً يشكل التحول الوطني 2020 الذي أعلنه ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، نقطة تحول في السياسة الداخلية، ويتزامن الخطاب الملكي مع إعلان الموازنة السعودية المنتظر صدورها الأسبوع المقبل. الخطاب الملكي المنتظر يرسم خريطة طريق لخطط الدولة وسياستها على المستويات كافة، ومع التأكيدات المستمرة على النهج الذي وضعه الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإطلاقه لرؤيته السياسية في القمة الخليجية التي عقدت في الرياض الشهر الجاري، واتفق قادة دول مجلس التعاون على تبنيها وتطبيقها خلال ترؤس السعودية للدورة الحالية. وعدّ أستاذ الإعلام السياسي بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود رئيس مركز الفكر العالمي عن السعودية الدكتور محمد البشر، خطاب الملك سلمان في مجلس الشورى هذا العام كأهم خطاب سياسي للقيادة السعودية منذ صدور الأمر الملكي بإنشاء المجلس عام 1412ه، مؤكداً أن الأهمية الزمانية والمكانية لهذا الخطاب ستجعل منه خطاباً استثنائياً بكل المقاييس. مضيفاً أن «الأهمية المكانية تتمثل في كون الخطاب سيكون في مجلس الشورى الذي يقابل البرلمان في النظم السياسية الأخرى، ومشيراً إلى أن الأحداث التي تمر بها المنطقة، ومشاركة السعودية بحزم واستقلالية في القرار والإرادة تعطي الخطاب قيمة مضافة». وشدد البشر على أنه من المؤكد أن الساسة وصناع القرار والاستراتيجيين والإعلاميين سيتابعون هذا الخطاب، وسيبنون على مضامينه الكثير من الرؤى والمواقف. من المتوقع أن يكون خطاب الملك هذا العام وثيقة للتاريخ والسياسة، ليس للسعوديين فحسب، بل أيضاً للعرب والمسلمين والعالم». وأضاف أن «المملكة تقوم الآن بدور القيادة والريادة للعالمين العربي والإسلامي بعد أن بات واضحاً للعيان أن لا أحد يمكن أن يضمن الأمن والاستقرار لنفسه ما لم يعتمد على مصادر قوته الذاتية، ومنها القوة الداخلية من خلال العلاقة الوثيقة بين الشعب والقيادة، ثم القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية»، لافتاً إلى أن في ظل تحول المواقف في العلاقات الدولية وتقلبها بحثاً عن مصالحها على حساب غيرها، أرادت المملكة أن تكون الرياض عاصمة للقرار العربي، ومنطلق التضامن الإسلامي قبل أن تنطلق عاصفة الحزم، وأن تقود هذين العالمين العربي والإسلامي في تحالفات متجانسة، تجمعها إرادة واحدة وأهداف مشتركة، تستطيع بها أن تصمد أمام هذه التغيرات الجذرية في العلاقات الدولية، والتحولات الكبيرة في الرؤى والمواقف القائمة على المصالح والمنافع القريبة والبعيدة». وأفاد بأن العالم لا يزال ينتظر المزيد من مواقف القوة والاستقلالية للمملكة التي ستعيد للأمتين العربية والإسلامية قوتها في الميزان الدولي وميدان العلاقات الدولية. وعن الشأن الداخلي أوضح أنه من المتوقع أن يشمل خطاب الملك في مجلس الشورى حديثاً عن المبادرات التنموية التي تشهدها المملكة في الداخل، ومنها برنامج التحول الوطني، الذي بدأت ملامحه تتبين من تصريحات بعض المشاركين فيه، والذي يقوم على مبدأ «الإنجاز والمحاسبة». وأكد البشر أن ذلك - إذا طُبق على الوجه المطلوب وعلى كل أحد - فإن المواطن سيجني ثماره الإيجابية، وهو ما سينعكس على التنمية التي نرجو أن تشهدها مرافق الوطن المختلفة. وأشار إلى أن المملكة ودول الخليج لديها نسبة كبيرة من التأثير الإعلامي مقارنة بما في الوطن العربي والعالم الإسلامي. وتملك دول الخليج من المؤسسات الإعلامية (بأنواعها المختلفة) إمبراطوريات هائلة تستطيع أن تكون الذراع القوية لدول الخليج، سياسياً وأمنياً وعسكرياً. ولذلك فإن تأكيد الملك سلمان على أهمية الدور الإعلامي في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة هو إدراك منه لما يمكن أن يقوم به هذا الإعلام من دور إيجابي، في جمع الكلمة وتعزيز الوحدة ورص الصف لمواجهة التحديات التي تمر بها بلادنا والمنطقة العربية، وهي دعوة غير مباشرة من الملك أن يتسامى هذا الإعلام عن القضايا الفرعية التي من شأنها أن تشتت الجهود، وتجعل هذا الإعلام في مكانة أقل ممّا يجب أن يكون عليه، بالنظر للدور الكبير والمؤثر الذي تقوم به المملكة في المرحلة الراهنة. آل الشيخ: الخطاب يحمل مضامين ورسائل مهمة.. للداخل والخارج أوضح رئيس المجلس الدكتور عبدالله آل الشيخ أن «الخطاب الملكي السنوي لخادم الحرمين الشريفين تحت قبة مجلس الشورى شامل وجامع يحمل في مضامينه القضايا الوطنية، والنهج التنموي الذي تتطلع إليه الدولة وتسعى إلى تحقيقه في كل المجالات في مسيرة تنموية شاملة ومتوازنة، تلبي حاجات المواطنين، وتحقق تطلعاتهم، كما يتضمن القضايا السياسية الإقليمية والدولية الراهنة وموقف المملكة من تلك القضايا». ولفت إلى أن خطاب خادم الحرمين الشريفين وبما يحمله من مضامين ورسائل مهمة للداخل والخارج، يؤكد أهمية دور المجلس وحضوره في المشهد الوطني بوصفه واحداً من المؤسسات التنظيمية والرقابية المهمة في الدولة التي وجدت الدعم والرعاية، وينتظر منه تقديم ما يواكب هذه التطلعات ويحقق آمال المواطن، مشيراً إلى أن تلك المضامين ستكون «خريطة طريق للمجلس وأعضائه يسترشد بها في دراسته للمواضيع التي تندرج ضمن صلاحياته واختصاصاته، وصولاً إلى القرارات التي تسهم في الارتقاء بأداء أجهزة الدولة ومؤسساتها، وتطوير الأنظمة وتحديثها بما يساير المستجدات ومتغيرات العصر».