والكلام منقول بالمسطرة من شذرات شيخنا العلاّمة، الأديب الفهّامة، الشاعر، أحمد بن إبراهيم الغزاوي، صورة من ماضي مجتمع قريب، في زمن، لا نخطئ حين نصفه بالجميل، رغم الصعوبات التي كان ينوء بها.. صورة لم نعد نراها.. تلاشت كأنّها لم تكن.. هل يشجّع استدعاؤها اليوم، أجيالنا الجديدة، للحنين إلى ذلك الماضي الجميل؟ هل نجد في بيوتنا مخضرمين غيورين يحملون شعار العودة إلى القيم، وأخلاقيات مجتمعنا القديم؟ * إنَّ المثل الذي نضربه، مثلٌ صغيرٌ جدًّا.. لكنّه كبيرٌ، إذا أدركنا أنّه من مقوّمات أيّ مجتمع، وإذا أيقنَّا أن من البذرة الصغيرة تنبت الشجرة، وتنمو أعضاؤها، وفروعها. * لنقرأ معًا شذرة الشيخ «لقد كنّا نعرف ما ننكر اليوم في البيوت من تربية النشء كله من صغار الفتيات والفتيان. فالصغير ملزم أن يخاطب مَن هو أكبر منه ب»سيدي»، والصغيرة لا يصح أن تنادي مَن هي أكبر منها إلاَّ ب»استيتة» أيّ يا سيدتي. لقد تلاشت هذه القاعدة، فلا تكاد تسمع بها. وقد أدركنا -يقول الشيخ- مسنّين ونساء من العجائز يتعبّدون بهذا الخلق الكريم حتى الموت». * لقد أصبح هذا السلوك من التاريخ، فلم يعد للكبير، تلك المكانة، ولا للمعلّم هيبة، بل إن الحديث عن ضرب المعلمين في المدارس أصبح شائعًا. وفقدت المرأة حرمتها، وأصبح التحرّش بها في الأسواق ظاهرة. * ليس من الصعب استعادة قِيَم الماضي، وأخلاقيات تربّى عليها أسلافنا، إذا استردَّ المنزل سلطته، وقامت المدرسة بدورها التربوي، وفرض المجتمع سطوته.. ويا أمان الخائفين!!