شتان بين الإسلام الذي أُُمر خيرُ الأنام عليه الصلاة والسلام بتبليغه، وبين إسلام البعض في هذا الزمان، فهو مبنيٌ على الإثمِ والعدوان، والإرهابِ والطُغيان، أي أنهُ بخلاف ما رسخَ في الوجدان من تعاليم دين الرحمن، الذي علّمنا من القِيَم أفضلها، ومن الأخلاقِ أرفعها، وبفضلِ تلك القيم تعايش المسلمون مع غيرهم من المشركين، عملاً بقولِ الحق: (لكُم دينُكم وليَّ دين)، وتجلت سماحةُ هذا الدينِ يومَ فتحِ مكة، ويوم ظفِرَ المبعُوثُ رحمةً للعالمين بأعدائه الذين قال لهم: «اذهبوا فأنتُمُ الطُّلقاء»، فأينَ نحنُ من تلك القِيَم الرفيعة والأخلاقِ الفاضلة؟.. إننا اليومَ أمامَ واقع يندى لهُ الجبين، ومشاهد تشمئزُ منها النفوس، فماذا دهى الأفكار حتى أصبحت فاسدة؟ وماذا أصابَ الأخلاق حتى غدت مُتطرفة، لدرجة خوَّلت للمُسلمِ قتل أخيه بلا ذنبٍ ولا مُبرر؟ فقط هي إفرازاتُ العُقولِ الخَرِبَة، والتجارب المفروضة من جهاتٍ تستخدمُ الجهلاء لتنفيذِ مُخططاتها الإجرامية، وأصبحوا بيدها كقطعِ الشطرنج التي تُحركُها كيفما شاءت، هكذا بلغت الهمجية حدًا جعلَ المساجد مسرحًا لتنفيذِ ما طُلبَ منهُم من قتلٍ وتفجير، فدمّروا بيوت الله، وأزهقوا أرواح الأبرياء، وما زال شريطُ المآسي المُماثلة يعجُّ بأعمالهم التي لا يُقرها عُرفٌ ولا دين، ففي رصدٍ موجز لأحداثٍ هزَّت وِجدان العالم، مِثلَ تفجير مسجد الإمام الصادق بالكويت، فالأمر الذي جعلَ المُصابَ أدهى وأمر، أن ذلك التفجير كان في شهر رمضان المبارك، ويتواصل المسلسل المشؤوم بتفجيراتِ مساجدَ مصرية أثناءَ احتفالاتٍ دينية، تلاها تفجير مسجد البليلي بصنعاء، وما زالت القُلوبُ تقطرُ دماً كُلَّما تَذكرنا تفجيرات مسجد القَدِيح، ولم يسلم مسجد قوات الأمن بعسير من غوغائية هؤلاءِ المُجرِمين، بالإضافة لمساجدَ أخرى في ليبيا وسوريا وغيرها من دولِ العالمِ الإسلامي، حتى فوجئنا مُؤخرًا بالجريمةٍ المؤلمة التي نفذها الإرهابيون بمسجدِ حيِّ الكوثر بسيهات، فقد أدمت العيون وأوجعت القلوب حيثُ أودت بحياة الكثيرين، ليُخيِّم الحزن والأسى على الأسرِ المكلومة، الذين احتسبوا قتلاهم عند الله تعالى شُهداء، فالخطبُ عظيمٌ والمُصابُ جلل، ولكن ما خفف المُصاب الأليم؛ التواجدُ الأمني الذي أسهمَ بيقظته المُعتادة في تقليلِ الخسائر البشرية. وأخيرًا، هُنالكَ سؤالانِ نُوجههما لأهل الفكر الضال، أولهما: ماذا نُسمي أعداءَ المساجد؟! وثانيهما: ماذا جنى ذلك الإرهابي القاتل من جريمَتِه الشَّنعاء؟ فقد قُتلَ غيرَ مأسوفٍ عليه ويداهُ مُلوثتانِ بدماءِ المُسلمين، فحاشا أن يكونَ الإرهابُ طريقًا للشهادة، وهيهاتَ أن يكونَ قتلُ المسلمينَ وتدمير المساجد هو العملُ الذي يقودُ إلى الجنةِ التي أُعدَّت للمتقين، فمصير هذا المُغرر به ينسحبُ على كلِّ مَن تُسوِّل له نفسه العبث بأرواح الناسِ وأمنِ الوطن. [email protected]