الحديث عن رجل بحجم سعود الفيصل -رحمه الله تعالى- حديث عن نابغة ودبلوماسي ورجل سياسة، رجل من الذين يصنعون السياسة بصمت، كان يتحدث إلى زمن قادم وإلى أجيال وحاجات وظروف ومعطيات لم تولد بعد.. هكذا كان.. سعود الفيصل ويحق للتاريخ أن يسجل المكانة العالمية التي حظي بها هذا الرجل ومن المؤكد أن هذه الحظوة وهذا الحب لم يأتيا من فراغ بل هي صنيعة إنجازات عمرها أربعون سنة هي عمر تسلم سعود الفيصل عمله الدبلوماسي. وكان فيها الإقدام الممتزج بالثقة بالنفس حتى انطلق في مسيرته وأرسى بحنكته السياسية وبُعد النظر الذي يتمتع بهما السياسة الخارجية. وقد انتهج نهجًا سياسيًا شهد به الجميع بالتوازن والبحث الدؤوب عبر صدق القول.. الذي لا يوجد في غيره من أنظاره الوزراء في مجاله فاحترمته الشعوب فهو صاحب مدرسة الدبلوماسية المتزنة، فأهم ما يميز هذا الرجل هو اتخاذ المواقف الحاسمة في الأوقات السليمة ورسائله السياسية كأنها تنطق لتوضح سياسة الدولة في ظل النظام العالمي.. يعمل بصمت خدمة لدينة ولوطنه وولاة الأمر.. فالله سبحانه وتعالى وهبه محبة في قلوب الناس وثقة في النفوس.. وأعتقد أن كل من يتحدث عن الراحل سعود الفيصل لم يرد له تزلفًا لأن الجميع أجمع على حبه.. وهذه حقيقة لم تفرض لتقال ولكن.. للتاريخ فيه مقولة.. فهو نهل من أعذب مناهل الفكر وتربى على يد والده الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، ولاشك فالتاريخ يحفظ لنا كثيرًا من رجالاته الذين سجلهم ودونهم.. وسعود الفيصل سيكون في طليعة هؤلاء الرجال وسيبقى في ذاكرة التاريخ.. سيدًا وأميرًا وعميدًا للدبلوماسية.. لأنه من قمم التاريخ، قدم للوطن عبر مسيرة التوحيد والبناء دون استثناء. ونحن نتذكر آخر كلمات عميد الدبلوماسية في مجلس الشورى في 31 مارس الماضي عندما قال: «إن السعودية ليست داعية للحرب، ولكن إذا قرعت طبولها فإن المملكة جاهزة لها» عندما كان -رحمه الله- يعلق على الأزمة اليمنية.. وقال: «أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن السعودية والخليج والأمن القومي العربي» ووضح السياسة السعودية الخارجية والأزمة اليمنية والعلاقة مع إيران والأزمة السورية والأحداث في العراق.. وظاهرة الإرهاب وضمن خطابه شبَّه حالته الصحية بأنها «كحالة الأمة العربية» رحمك الله سعود الفيصل رحمة واسعة.. اللهم يمن كتابه وهون حسابه. [email protected]