رفض عدد من الأكاديميين والمثقفين ما يقوم به بعض الكتّاب الذين يوقّعون كتبهم على منصة التوقيعات بمعرض الكتاب بالرياض، ويقومون بإحضار «أناس» معينين كل مهمتهم هو التصفيق والهتاف بصوت عال، للإعلان عن كتاب الموقّع، واصفين هذا الأسلوب بأنه «غش» و»تدليس» وفيه خداع.. فيما رأى مدير المعرض أن لكل مؤلف الحق بإحضار من يريد معه. بداية يقول رئيس قسم الدراسات الإنسانية في جامعة اليمامة الدكتور معجب الزهراني: توقيع الكتب تقليد ثقافي تجاري عريق في المجتمعات الحديثة، وبالتالي لا أظن أن هناك من يفعل ذلك خاصة في معرض الكتاب، ومع ذلك ممكن أن يحصل من بعض ضعفاء النفوس الذين لا يملكون الإبداع. وقال رئيس قسم الأدب بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور فواز اللعبون: إن وضع الموقّع الذي يستأجر من يقوم بعمل بهرجة أثناء توقيعه على كتابه في منصة يستدعي الشفقة، فهو يروّج لنفسه بطريقة خاطئة، وهذا سلوك غير جيد ينم عن ضعف من يقوم بهذا العمل، وكان من الأجدر أن تقوم الدار التي قدمت هذا المؤلف للتوقيع أن تقدم على الدعاية والإعلان والترويج لهذا المؤلف. ومن جانبه، أشار وكيل قسم الأدب بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد بن صالح العميري إلى أن استئجار أناس من أجل التوقيع هي طريقة قد تنجح مرة واحدة أو مرتين لكن عندما يتقدم به العمر لا شك أنها ستتضح هذه الأمور، مبينا أن هناك معامل للامتحان والفلترة بالنسبة لهؤلاء الكتاب الذين يقدمون البهرجة، فقد يواجه الجمهور مرة بإعلام مدفوع له ومستأجر لكنه في يوم من الأيام سيظهر للجمهور وتتضح الحقيقة خاصة إذ كان هناك بعض اللقاءات المباشرة، فإذا تكلم علم ما يحمل من ثقافة وفكر وتوجه، وبالتالي لن ينفعه هذا التصرف الذي فيه نوع من الغش للنفس أولا ثم للآخرين بحيث يدلس عليهم. ويرى أمين منتدى شباب الإبداعي بنادي الرياض الأدبي عبدالرحمن الجاسر أنه عندما نسأل بهذا السؤال فإننا نحتاج إلى إحصائيات لمعرفة القوة الشرائية على مستوى المعرض ككل وعدد الزوار، ولكن فيما يبدو لي أن هناك توافقا في الأمرين على الأقل لمن ينظر بالعين المجردة بعيدا عن الاختصاص، وفي رأيي أن مسألة الزوار هي النسبة الأعظم ثم تأتي بعدها القوة الشرائية ثم الانتفاع من الكتاب بالقراءة، وأنا أنظر بعين الرضا لمستوى المعرض من حيث اقتناء الكتاب أو على الأقل التعرّف على الكتب كون الزائر لهذا المعرض يدخل إلى دار ويتصفح العنواين ويتعرّف إليها، وهذه تعتبر بحد ذاتها ظاهرة صحية. وتابع الجاسر: أنا لا أعتبر هذا موجودًا وأن كان موجودًا لا نرضاه، وربما يكون هناك شخص أو شخصين وأنا لم أقف على مثل هذه الحالات بل أن الكثير من المؤلفين هم من يقبل على منصات التوقيع باعتباره الكتاب الأول وهذا من حقه وهذه ظاهرة صحية بأن يقول هذا كتابي ونتاجي الفكري ويعرضه أمام الزوار، ونرى أن هناك إقبالا على بعض الموقعين وهناك ضعف على البعض كونه الكتاب الأول وبعض الأحيان لضعف التسويق والإعلان، وأنا لم أقف على من يستأجر وإن كانت موجودة فهي لا تعتبر ظاهرة، وإن وُجدت فهي خداع للكاتب نفسه، فهو يخادع نفسه ويُوهم المتلقي، وهي لن تؤثر على مستوى الكتاب وجودته بل يظل الكتاب الجيد جيدا والكتاب السيئ سيئًا، ومسألة الإقبال على التوقيع لا تؤثر على جودة الكتاب. وقالت الكاتبة سمر العطاوي (إحدى الموقّعات على منصة التوقيع في المعرض): إن هذه ظاهرة سيئة جدًا، بل يعد هذا الأمر غشا وتدليسا وخداعا، فالإنسان يعمل لنجاحه لأن هذا الشيء هو الذي يثبت به إبداعه، فالغش مسار غير صحيح فهو يغش نفس ويعتقد بذلك أنه يخد الآخرين وما يخدع إلا نفسه. وأشار بندر العتيبي (أحد الموقّعين على منصة التوقيع في المعرض) إلى أن من يحاول جذب الآخرين بالطرق الملتوية كاستئجار من يحضر للتصوير معه ويرفعون الأصوات، التي تدل على تشجيعهم له حتى يلفتون الجمهور إليه على أنه شخصية معروفة من أجل الترويج له ولكتابه، فهذا فيه غش للنفس واحتيال وتدليس على الآخرين. متمنيا ألا يرى مثل هذا الأمر في المعرض هذا العام والأعوام الأخرى. ومن جانبه، أكد مدير معرض الرياض الدولي للكتاب الدكتور صالح الغامدي إنهم في إدارة المعرض لم يتحققوا من وجود مجموعة مُستأجرة من قبل المؤلف الذي يقوم بالتوقيع على كتابه على منصة التوقيع، ولا نعلم أن هناك أمرا بهذا الشكل، ولم يقفوا على أي حالة من الحالات.. مبيّنا أنه يحق للمؤلف أن يأتي بمن يريد أن يكون معه في توقيع كتابه. المزيد من الصور :