عندما تكون في حضرة الكتاب، لا يمكنك التجول بعينيك بعيداً عنه، ولا تستطيع رؤية غير أغلفة الكتب ومنصاتها، واستغراقك في البحث بين العناوين يجعلك في معزل عن كل شيء حولك، عن الناس، والازدحام، وكل ذلك المجهود البشري ، والارادة الإدارية ، التي صنعت لك هذا الحيز الفسيح والأنيق المعبأ حتى آخر نفس بعبق الكتب. مشهد جميل، ومعرض خلاصة جهد متواصل وعمل دؤوب ، للوصول الى هذا المستوى من العرض والتنظيم، بالاضافة الى الفعاليات الكثيرة المصاحبة للمعرض. كل هذا تم بالتأكيد منذ أشهر عديدة أي في فترة الوزير الشاعر الإنسان د. عبد العزيز خوجة، الذي حضر حفل الافتتاح ببساطته وأريحيته، وقربه الدائم من المثقفين، هذا الرجل الوزير الجليل الذي تطور في عهده معرض الكتاب حتى وصل الى هذا المستوى المشرف من الحجم والتنظيم. ربما لا يشعر الفرد بما يبذله المسؤول داخل المؤسسة سواء كان وزيراً أو وكيلاً أو مدير إدارة من جهد عملي، لكنه يشعر به في موقف التعامل المباشر، لذلك كان الوزير الخوجة قريباً من كل المثقفين لأنه يحضر بينهم ويجيب على اتصالاتهم الهاتفية مباشرة ، ربما هذا ما رسخ مكانته في قلوبنا . أقول هذا صدقاً وحقاً ولم أقله قبلاً كي لا يحسب نفاقاً ولا تزلفاً. لا شك أن المعرض هذا العام بحجم دور النشر وأعداد الضيوف ورواد المعرض يرسخ هذه المكانة التي اكتسبها معرض الرياض الدولى خلال سنوات عمره القليلة مقارنة بمعارض دولية عريقة تجاوز عمرها نصف قرن من الزمان. التنظيم، والشراكة المجتمعية من خلال اللجان المختلفة، والاقبال الكبير الذي وصل حد الازدحام الشديد يوم الجمعة الماضية، أطفال ونساء، شباب وشابات، الكل يبحث، ويقلب في الكتب، ويعرف ما يريد، حتى الوعي تطور، كنت أحيل ذلك الإقبال الكبير على الشراء الى ظاهرة الاستهلاك الميزة البارزة في مجتمعنا، لكن هذا العام رأيت حضوراً واعياً، يعرف ما يريد، ولديه خارطة طريق وهو يدخل المعرض، لذلك أرى أن هذا العرس الثقافي لا يمكن أن يتأثر ببعض الاشكاليات التي يعمد البعض الى افتعالها كل عام، كمنع النساء من حضور الأمسية الثقافية التي تقام كل عام في الفندق الذي ينزل فيه ضيوف وزارة الثقافة من كتّاب وإعلاميين ومثقفين من مختلف مناطق المملكة ومن خارج المملكة أيضاً، هذا العام تولى رئاسة الأمسية الثقافية أحد المحتسبين أو المنتمين لرجال الهيئة، ربما، لذلك وضع لوحة أمام القاعة ( ممنوع دخول النساء ) صحيح أشعرنا بالضيق، لكنه لم يؤثر أبداً على متعتنا بالمعرض واللقاءات الثقافية التلقائية التي تعقد بين المثقفين للتعارف وتبادل الأفكار والنقاشات حول بعض الاصدارات والفعاليات. [email protected]