الهجرة الداخلية في بلادي حالة اختيارية نفسية قد تتحول إلى هاجس نفسي مؤلم لمن يفقد فرصة العمل في مدينته أو قريته، وقد تكون مرحلة خصبة من أمتع مراحل عمر الإنسان إذا اتيحت له المشاركة في تنمية مدينته وشهد عصرها وبناءها وتمتع بمائها وهوائها. فهناك نوع من البشر يترقب هذه المرحلة بفارغ الصبر لينفذ أفكاره ويحقق أحلامًا بتحقيقها لمدينته أو قريته، والهجرة قد تكون الجنة والنار لمهاجر المدينة أو القرية، شخص يلقي نظرة على مدينته أو قريته وهو يغادرها لطلب الرزق، لمدينة جديدة لا يعرف إلا اسمها ويتعرف على أناس جدد ويحرص على الاختلاط بهم والانخراط في بيئتهم، وآخر يفشل في التعايش في المكان الجديد تراه عابسًا متجهمًا ساخطًا على كل شيء، يعاني من أمراض نصفها نفسي والنصف الآخر هي غربة المكان، ينفعل لأتفه الأسباب وطباعه لا تستقر على حال، لا يجرؤ على الحلم يعيش زمنه الحالي في حلم العودة، وسرعان ما يسقط ضحية ندم حارق ويلوم نفسه على ترك مدينته أو قريته!! الأسبوع الماضي تلقيت دعوة لمشاركة في المنتدى الاقتصادي بجازان، لفت انتباهي ملصق على سيارة كانت تسير أمامي يقودها شاب في عمر الزهور، كتب على الملصق "لا هجرة بعد اليوم من جازان". وكأن تلك العبارات ترجمت الحلم الذي عرض في المنتدى الاقتصادي برعاية شركة أرامكو، قرأت العبارة وأنا أهمس لنفسي نعم لشباب جازان. كان صوت خالد الفالح رئيس أرامكو السعودية وكبير الإداريين التنفيذيين، يوقظ حواس الحضور، بدأت العروض لأحلامنا وأحلام جازان والتي كانت تركز على إعداد الفرد وتهيئته للمستقبل، كان المتحدثون يتكلمون بلغة من حرير عن أن ثمة أشياء رائعة في الحياة علينا أن نجتهد للبحث عنها ونعيشها، وأن مدينة جازان باب العبور نحو يوم أبيض جديد، متحدثون مبدعون يجعلونك تطفو فوق معاناة الهجرة الداخلية من جازان، يخطفونك إلى فضاءات مذهلة حيث تبدو الأفكار كنجوم مضيئة، وأملي من هذا المقال أن يتبنون منظمي المنتدى لاقتراح الدكتور عبدالرحمن الزامل أن تعرض هذه المشروعات الجازانية المستقبلية في جامعات الوطن، لا شك أن هذا الحلم الجيزاني بقيادة أرامكو ستكون الحجر الذي سيحرك حياة شبابها في زمنه القادم، فلنبارك خطوات أرامكو في استثمار الإنسان والمكان في منطقة جازان. [email protected]