يعتبر د. آلون بن - مئير أستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدولية بجامعة نيويورك ومدير مشروع الشرق الأوسط بمعهد السياسة الدولية أحد أبرز الكتاب اليهود الأمريكيين الذين دأبوا على انتقاد السياسات الإسرائيلية، وعلى الأخص السياسة الحالية التي تتبناها حكومة بنيامين نتنياهو، وهو في هذا المقال الذي نشر أمس الأول في صحيفة هافينجتون بوست يوجه المزيد من الانتقادات لنتنياهو على إثر دعوته يهود أوروبا إلى الهجرة إلى إسرائيل، وهو ما يعتبره بمثابة إهانة للحكومات الأوروبية. منطق ضعيف يستهل بن مئير مقاله بالقول: إن قتل حارس أمني في كنيس يهودي في كوبنهاجن قبل نحو أسبوعين ليس مبررًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتجديد الدعوة ليهود أوروبا للهجرة إلى إسرائيل، وهو بهذه الدعوة يضع نفسه في موضع المتحدث باسم يهود العالم، وهو ما يعتبر في حد ذاته ليس فقط إهانة مباشرة موجهة إلى الحكومات الأوروبية، وإنما أيضًا لقرابة مليون ونصف مليون يهودي يعيشون ويعملون في الدول الأوروبية، وتبدو المفارقة هنا في أن نتنياهو لا يمثل يهود أوروبا ولا حتى غالبية اليهود الإسرائيليين، وإنما النسبة فقط من الليكوديين الذين صوتوا للحزب في الانتخابات الأخيرة. وبالرغم من ذلك، فقد اغتنم الفرصة لاستقطاب النقاش السياسي في إسرائيل السابق للانتخابات الإسرائيلية بغض النظر عن حجم الضرر الذي يمكن أن يلحقه ذلك للشعب الإسرائيلي الذي يدعي أنه الحامي لوجوده فقط لمجرد اعتقاده بأن هذا التوجه يمكن أن يخدم مصالحه، وعلى الرغم مما تمثله إسرائيل كملاذ حيث يتم الترحيب بأي يهودي يلجأ إليها، فإنه لا يوجد يهودي غير إسرائيلي واحد يعيش خارج إسرائيل مستعد لتعيين نتنياهو متحدثًا باسمه أو حاميًا له. فتش عن الأسباب لا يوجد ثمة مراقب يتمتع بالحد الأدنى من النزاهة يعتقد أن الهجمات العنيفة التي تشن ضد اليهود له علاقة بارتفاع موجة اللاسامية، فهو في حقيقة الأمر نتيجة مباشرة لتنامي المشاعر المعادية لإسرائيل بسبب سياسات نتنياهو الخاطئة تجاه الفلسطينيين واستمرار الاحتلال، كما ينبغي التأكيد على أن دعوة نتنياهو المتكررة ليهود أوروبا للهجرة إلى إسرائيل للعيش بسلام وعدم التعرض للإرهاب لم تجد قبولاً من قبل العديد من القيادات اليهودية بما في ذلك الحاخام الأكبر في كوبنهاجن الذي قال: إنه إذا كانت الطريقة التي يتوجب أن نتعامل بها مع الإرهاب الهروب إلى مكان آخر، فإن أفضل مكان نلوذ به هو جزيرة مهجورة وليس إسرائيل. كما لا يخفى استهجان زعماء أوروبا لدعوة نتنياهو بما في ذلك رئيسة وزراء الدنمارك هيلي تورنينج-شميت، التي أكدت على أن اليهود في الدنمارك ينتمون إلى الدنمارك وأنهم مكون من مكونات المجتمع الدنماركي وأن الدنمارك لا يمكن أن تكون دنمارك بدون أولئك اليهود، وهو نفس الكلام الذي سبق وأن ردده الرئيس الفرنسي على إثر الهجمة الإرهابية التي استهدفت سوبر ماركت يهودي في باريس. دعوة محفوفة بالمخاطر واعتبر بن مئير أنه بالرغم من تعاطف الجاليات اليهودية في أوروبا تجاه إسرائيل، إلا أن ولاءهم الأول هو للبلدان التي يعيشون فيها، وهم بطبيعة الحال مخلصون لبلدانهم، وكم يكون نتنياهو واهمًا لو اعتقد مجرد اعتقاد أن مغادرة اليهود لبلدانهم والتوجه إلى إسرائيل للعيش فيها يمكن أن يحقق لهم الأمن ما يعتبر دليل آخر على غطرسته وجبنه. كما أن دعوة نتنياهو لهجرة جماعية ليهود أوروبا إلى إسرائيل تنطوي على مخاطر وتهديدات أمنية تفوق بكثير ما يمكن أن يتعرض اليهود المقيمون في الدول الأوروبية، ففي السنوات ال 25 الماضية تضاعف عدد اليهود الذين قتلوا في إسرائيل 80 مرة عن عدد اليهود الذين قتلوا في البلدان الأوروبية من قبل الإرهابيين في غضون الفترة نفسها. ويدعو الكاتب نتنياهو في مقاله إلى أن يستيقظ على الحقيقة التي يحاول التهرب منها بأن هناك ما يقرب من مليون يهودي غادروا إسرائيل في إطار ما يعرف بالهجرة المعاكسة خلال ال25 سنة الماضية لا لشىء إلا لشعورهم بالقلق إزاء تنامي العنف نتيجة للسياسات الخاطئة لقادتهم.ويذهب الكاتب إلى الاستنتاج في نهاية المطاف بأن السبب الحقيقي وراء هذه الدعوة هو زيادة عدد اليهود في إسرائيل كجزء من حلمه في إقامة الدولة ذات الهوية اليهودية الصرفة.