دون شك أن التخطيط المتقن لكل منحى من مناحي الحياة يلعب دوراً هاماً في تحقيق الأهداف المحددة بدرجة عالية من الجودة وبقدر دقة وشمول عملية التخطيط يتحدد مستوى تحقيق الأهداف الموضوعة، لذا نجد أن الدول المتقدمة تهتم بعملية التخطيط اهتماماً بالغاً بمختلف مستوياته البعيدة والمتوسطة والقريبة وتضعه في مقدمة أولوياتها ولا يقتصر الأمر على الدولة ومؤسساتها بل يهتم به الأفراد والجماعات.. ولاشك أن التخطيط يعد أحد أهم العلوم التي ترتكز على معايير وشروط ومطالب لابد من توفرها كي يتحقق الهدف منه بدقة عالية ،لذا يستوجب الالتزام بها تمام الالتزام عند عملية التخطيط ، ولعل أبرز تلك الشروط والمطالب أن تتوفر كافة المعلومات والبيانات والإحصاءات الدقيقة والصحيحة المستقاة من مصادرها الأصلية وتصبح في متناول المخطط كما يشترط في عملية التخطيط المتقن ألا يخترق من قبل جهات أخرى أو من المتنفذين لإحداث تغيير مبتغى لأهداف خاصة غير مؤسسية وأن تكون الخطة واقعية ومنطلقة من معطيات متاحة ومتوفرة ولعل التفصيل في الحديث عن معاييره وشروطه وأنواعه يطول ولاتتسع له هذه المساحة لكن هذا يدفعنا الى اسقاط ذلك على خطط مؤسساتنا فنقول : إن المتتبع لواقع مؤسساتنا يجد بعضها تفتقد كثيراً للتخطيط المتقن على مختلف مستوياته حيث نجد أغلب الخطط القائمة لا تستند على معلومات واحصاءات وبيانات دقيقة ومن السهل اختراقها من قبل النافذين وحتى غير النافذين مما يجعلها لا تستند الى عمل مؤسسي متكامل التنفيذ بل نرى كل مسئول في بعض تلك المؤسسات يبعثر تلك الخطط ويطوعها لخدمة الكرسي الذي يقف عليه ،لا المؤسسة القائم على تنفيذ مهامها كما وان من السهل العبث بمخصصات كل عنصر وتوجيهه الى عناصر أخرى مما ينتج عنه ارتباك عملية التنفيذ وإحداث الخلل في بنية الخطة وأزمانها ومقدراتها وهذا بالتأكيد يدفع بالمسئول المقصر الى استثمار تلك الثغرات للهروب من المساءلة بالاضافة الى استثمارها في ممارسة الكثير من التجاوزات الادارية والمالية ولعل هذا تحديداً أكثر ما تشكو منه مؤسساتنا في هذه المرحلة . ومن هذا المنطلق أطلق ندائي من هذا المنبر أن يقوم مجلس الشورى أو من يهمه الأمر باتخاذ الحلول المناسبة لتلك القضية المحورية والمتقادمة في وجودها وكم أتمنى أن يتم تفعيل الجهات القائمة على التخطيط في كافة مؤسساتنا وأن يتم محاسبتها على أي قصور في تنفيذ مهامها ومتابعة خطط تلك المؤسسات. وكم أتمنى توسيع صلاحيات وزارة التخطيط لتشمل كافة المؤسسات، وأن تتولى محاسبة كافة المؤسسات على أي خلل وقبل ذلك الحرص على عدم اختراق تلك الخطط واحداث التعديلات الجذرية في عناصرها بحيث تصبح كافة مؤسساتنا تعمل وفق خطط مؤسسية لا خطط كرسوية. ولعل ذلك الخلل التخطيطي الذي تعيشه بعض مؤسساتنا يترتب عليه هدر للأموال والكثير من الجهود الضائعة بالاضافة الى ضياع الازمنة الطويلة في عمليات العبث بالمشاريع التي لا تحقق أهدافها المرجوة ويعاد صياغتها لاكثر من مرة فكم هي تلك الأموال المهدرة التي تذهب تحت مظلة تلك الخطط المنقوصة، لذا لابد من الالتفات اليها من قبل من يهمه الامر لحل ذلك الخلل ،نتمنى ذلك. والله من وراء القصد .