لم أكن يومًا ضد أيٍّ من قرارات سعودة الوظائف بمختلف مراحلها، بل كنت أقف مؤيدًا ومساندًا ومطبِّقًا لها قدر استطاعتي، ووفق معطيات واحتياج العمل، وبما يتناسب مع مخرّجات سوق العمل لدينا، ومحاولة إيجاد البيئة المناسبة لها. ومع كل هذا نحن نعلم جيدًا بأن هناك مهنًا وحرفًا لا تزال تقوم على العمالة الوافدة، ولا يمكن أن نستغني عنها -على الأقل في الوقت القريب- وأكد لي هذا الأمر بالمشاهدة الواضحة بالمدينة المنورة، بعد امتناع وتوقف عمال النظافة عن العمل لمدة يومين في شوارعنا، وَلَكُم أن تتخيّلوا المنظر العام للمخلّفات، وما يتشكّل حولها من الروائح الفاسدة، وذلك مدة يومين أمام أبواب منازلنا، فما بالكم لو كانت المدة أسبوعًا أو أكثر؟! هذا المنظر طرح عليَّ تساؤلاً كبيرًا: ماذا لو قررت هذه العمالة أن ترحل قبل أن نقرر الاستغناء عنها؟ ما هو مصيرنا؟ وما هو حالنا؟ وما هي الحلول التي أمامنا؟ اعذروني الرؤية مشوّشة لهذا الأمر، ولابد من وقفة كبيرة من قبل وزارة العمل، والتحرّك السريع نحو هذا الأمر بدلاً من الضغط المستمر على هذه العمالة، والشركات، والمؤسسات القائمة عليها، وخصوصًا بعد التجارب والوقائع الحقيقية التي لها التأثير الكبير في بناء مشروعات واقتصاد الوطن، بدءًا من عمال النظافة، إلى عمال البناء، وعمال الصناعة، إلى المهن الحرفية مثل السباكة والنجارة والحدادة والكهرباء، وأيضًا الحلاقة وغيرها، هل يوجد بديل لهم حاليًّا؟ فإذا أوجدتم البديل فكونوا على ثقة بأن الجميع سيقف مع قراراتكم، ويشد على أيديكم، ويتعاون معكم، والحلول والبدائل المناسبة معروفة وتحتاج إلى تهيئة سوق العمل والمخرجات التعليمية بالجودة اللازمة وليس بالكم فقط لإدراجها ضمن الإنجازات ولا تواكب الواقع، وكذلك زيادة التوعية والرقابة لمفهوم وثقافة العمل لدى الموظف، ودوره في بناء هذا الوطن سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، وبإذن الله تعالى سوف نكون مستعدين لمثل هذا اليوم الذي نقرر فيه الاكتفاء الذاتي من الموارد البشرية المستوردة.