سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كي تصبح مليونيرًا الثراءُ حُلْمٌ، والوصولُ إليه لا يُنَال إلا على جسرٍ من التعبِ، وليس بوسائل النصب والاحتيال، ومثلها دورات الوهم التي ينفذها بعض المدرِّبين تحت عناوين برَّاقة توهمك بأنك ستصبح مليونيرًا
حبُّ تملُّكِ الأموالِ والثروات والدور والجاه غريزةٌ فطريةٌ في الإنسان، جُبِل عليها وفُتِن بها، ولا يزال في صراع مع نفسه (الطمَّاعة) التي تنزَع به إلى التملُّك بأي وسيلة وتحت أي مبرر، وبين نفسه (القنوعة) التي ترضى بما قسم الله لها، وتسعى لكسب الرزق بالطرائق المشروعة. بالأمس استمعتُ عبر أثير إذاعة جدة لمقطعٍ تمثيليٍّ سمعيٍّ تدور أحداثه حول عملية نصب تقوم بها إحدى المتصلات من الخارج مع أحد الشباب السعوديين، فتعرض عليه ملايين الدولارات مقابل إرساله رقم حسابه حتى تودع فيه المبلغ الضخم على وجه السرعة، طالبةً منه تحويل مبلغ (5000) ريال فقط لحسابها الشخصي حتى تتمكن من إنهاء إجراءات التحويل. لن آتي بجديد حينما أقول أن عمليات النصب والاحتيال تكاثرت في الآونة الأخيرة خاصة مع تكاثر وسائط التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي، لكنَّ الجديد هو وقوع بعض المخدوعين في حبائل تلك العصابات المحترفة، التي تتنوع وسائلها وتتعدد فخاخها على الرغم من أن لبعض هؤلاء المخدوعين تجارب سابقة مع قضايا مشابهة، وعلى الرغم من تزاحم وسائل التحذير التي تصلهم من الجهات المعنية وبعض الأصدقاء وغيرهم بضرورة الابتعاد عن هذه المساهمات وعدم الوقوع في شَرَكِها، ومع هذا ينساق هؤلاء لتلك الإغراءات، إما بحُسنِ ظنٍّ منهم، أو طمعًا في قفزة مالية تقلب أوضاعهم المعيشية والاجتماعية رأسًا على عقب، فيصبحون من الأثرياء الذين يُشار إليهم بالبنان، ويُلبسون مشالح الوهم، ويُستقبَلون استقبال العظماء، تسبقهم مباخر العود، ويُطرح تحت أقدامهم السجاد الأحمر، وتُبسَط أمامهم موائد البذخ، وتُقال فيهم القصائد الحسان، ويعلو ذكرهم في الأنام. كما ذكرتُ آنفًا ففخاخ العصابات متكاثرة تأتي في كل حين وعبر وسائل متعددة؛ ها هو أحد مواقع برامج الألعاب على الإنترنت يبارك لي فوزيَ ب(2,500,000,00) دولار أمريكي، ويطلب مني التواصل مع الدكتورة (...) عبر البريد الإلكتروني المُرسَل لاستلام المبلغ. وها هي (عائشة القذافي) كما سمَّت نفسها تذكر في رسالتها لي أنها ورثت عن أبيها مبالغ طائلة وتريد رقم حسابي لتتمكن من تحويل تلك المبالغ عليه؛ لأنها في وضع يصعب عليها الاحتفاظ بتلك المبالغ. وها هي شركة (سوني) تهنئني باستمرار بفوزي بسيارة (BMW) حديثة الصنع وتُلحُّ عليَّ بتزويدها بالاسم كاملًا ورقم الهاتف والعنوان وبالتأكيد (رقم الحساب). كثيرة هي رسائل النصب والاحتيال عبر الرسائل النصية وعبر البريد الإلكتروني وعبر الاتصال المباشر التي يقوم بها النصَّابون، والهدف منها هو تمكينهم من رقم الحساب حتى يستولوا على ما بحوزة المخدوع من مبالغ وإن كانت زهيدة. الأعجب في قضية النصب هذه هو مطالبة المتصِل أو المرسِل ببعض المال ليتمكن من إنهاء إجراءات التحويل؛ إذ كيف يطلب القليل من المال وهو يملك المليارات ؟ وهذه أشبه ما تكون بفعل السَّحَرَة الذين يَعِدون المخدوعَ بالثراء السريع وهم يلبسون المرقَّع من الثياب، وفيهم ينطبق المثل: "فاقد الشيء لا يُعطيه". أما كيفية حصولهم على رقم هاتف المخدوع فالأمر لا يتعدى كونه محاولة أو ضربة حظ. وبعد.. فالثراءُ حُلْمٌ، والوصولُ إليه لا يُنَال إلا على جسرٍ من التعبِ، وليس بوسائل النصب والاحتيال، ومثلها دورات الوهم التي ينفذها بعض المدرِّبين تحت عناوين برَّاقة توهمك بأنك ستصبح مليونيرًا. * وقفة: بحلول السنة الهجرية الحالية (1436ه) تكون صحيفة "المدينة" قد دخلت عامها ال(80) في مسيرة عطائها المشهود لخدمة الوطن والمواطن. وكلي أمل أن يعمد القائمون بأمرها لاستثمار هذه المناسبة بإقامة احتفالية تليق بها، وإحداث نقلة جديدة فريدة في محتواها وتصميمها. وقد ذكر لي سعادة رئيس التحرير ومدير العلاقات العامة أن هذا الأمر محل تشاور بين أعضاء المؤسسة. [email protected]