أنهت مزحة سخيفة ابتعاث طالب سعودي في الولاياتالمتحدة بعد مزحة عن الجهاد روّج لها في الواتساب غير واعٍ لمدى خطورتها.. فجاء قرار إنهاء ابتعاثه حماية له من إجراءات عقابية قد يتعرّض لها إذا ما بقي في الولاياتالمتحدة. فالقرار كما أكد الملحق الثقافي السعودي في الإمارات الدكتور صالح السحيباني، "يُعدُّ حماية لهذا الطالب، وتم تسفيره من أمريكا حتى لا يقع تحت طائلة القانون الأمريكي. وزاد: ولكن أُعطي مجالاً بأن يواصل دراسته في السعودية، وأن يستفيد من بعثته، وهي تنبيه للطلاب لمثل هذه الأمور. *** وهناك مزحة أخرى سخيفة تناولتها في صفحتي في الفيس بوك، بعدما نشرت صحيفة سبق صورة طفلٍ باكٍ بدت على جسده آثار التعذيب، وبعد إدانة هذا العمل وما أثاره من تعليقات حول تعذيب الأطفال اتّضح أنه مجرد مكياج أجراه الوالدان لابنهما، ونشراه في النت من باب الفكاهة. وهو أمر، وإن اعتبره الوالدان مزاحًا، فإنه يُقارب الجريمة نتيجة لما أثارته حولها من اللغط والتحسر من قبل الناس. فلو أنهما قاما بها بينهم وبين بعضهم البعض قد تكون مقبولة شيء ما، أمّا ما فعلاه فهو أمر خارج يجب أن يُعاقبوا عليه. المزح في هذه الأمور غير مقبول كمن يتظاهر في طائرة أنه يحمل قنبلة من باب الهزار مع المضيفات، ستجده مقبوضًا عليه، ومكلبشًا للتحقيق معه.. فلا مزح هنا في هذه المسائل.. وتبًّا للمزحة وأصحابها. *** المؤسف أن مثل هذا المزاح السمج لا يعي أصحابه أبعاد ما يمكن أن يسببوه لأنفسهم، أو لمعارفهم، بل ولمجتمعهم التي يمكن لردود أفعالهم أن تكون قوية، خاصةً إذا حدث الموقف مع طرف أحمق لا يرى أبعد من أرنبة أنفه!! وكثيرًا ما تحدث هذه المواقف نتيجة التسرع في التصرف، ويبقى عنصر الطرفة والمداعبة في العديد من هذه المواقف، وكثيرٌ منها يبقى عالقًا في ذهن الشخص فترة طويلة، وربما تدفعه أحيانًا إلى الضحك على نفسه، والتساؤل كيف وقع فيها. *** إن للمزاح حدًّا يجب أن لا يتجاوزه.. والمزاح الذي يخرج عن الملاطفة والمؤانسة، وتطييب الخواطر، وإدخال السرور ويتجاوز ذلك إلى السخرية والإيقاع بين الناس هو مزاح ثقيل. وقد كان المزاح المصحوب بالرفق واللين من هدي النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك البخاري في باب الانبساط إلى الناس مستدلاً بحديث: (يا أبا عمير ما فعل النغير). وقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه" (المصدر: ابن حجر، فتح الباري، 10/449). *** يبقى أخيرًا عرض تعليق لعاشق الإبداع (أبو السعد) مسعد مسيعيد الحبيشي حول مقالي عن صاحب التيس يؤكد فيه على أن هناك أمرًا من الله بعدم التنابز بالألقاب، كما ورد في محكم تنزيله.. وهناك كُنى يحب بعضنا إيّاها، وكان رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يكنّى بالأمين لأمانته وبأبي القاسم، بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.. ومن المستحب كما نهج رسولنا الأمين أن ننادي الرجل أو المرأة بما يحبون من كُنى وليس العكس، لتكون المحبة والتقدير بين الجميع.. فمثل هذه الأمور يجب مراعاتها حتى يسود الود بين الناس. * نافذة صغيرة: (كما خير الكلام ما قلّ ودلّ فإن خير المزح ما قلّ وخفّ وعلى المحبة دلّ).. مسعد مسيعيد الحبيشي. [email protected]