تمر القضية الفلسطينية هذه الأيام بمنعطف بالغ الأهمية في ظل التصعيد الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزةوالضفة الغربيةوالقدس العربية ، وهو ذلك التصعيد الذي تمثل منذ الصيف الماضي بالعدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة واستمرار حصاره ، ويتمثل الآن في الإجراءات الاستفزازية والاعتداءات المتواصلة التي تستهدف الفلسطينيين وخصوصًا في مدينة القدس والتي وصلت إلى ذروتها مؤخرًا بإغلاق المسجد الأقصى والاستيلاء على بيوت المقدسيين في سلوان واغتيال الأسير المحرر معتز حجازي وإقفال معبري كرم سالم وإيرتز ، والمصادقة على بناء 2600 وحدة استيطانية جديدة . بالطبع فإنه كان لابد وأن تلفت تلك الإجراءات التعسفية نظر المجتمع الدولي بما تشكله من خرق واضح للقانون الدولي وانتهاك صارخ للمواثيق والمعاهدات الدولية بما في ذلك ميثاق الأممالمتحدة ، وهو ما يضعها في حزمة واحدة مع تنظيم داعش الإرهابي الذي يصطف العالم حاليًا صفًا واحدًا لمحاربته . وقد سمعت بالفعل امرأة مقدسية تصرخ في إحدى القنوات الفضائية محذرة من "داعش" الصهيونية المتمثلة بالصهاينة المتطرفين والمستوطنين البغاة وجنود الاحتلال الذين لا يتورعون عن ممارسة أقصى درجات العنف ضد المقدسيين بما في ذلك الاغتيال والاعتقال والإبعاد والاعتداء على المسجد الأقصى والمصلين . بالإمكان إطلاق وصف "الغبي" على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، فهو يصر على سياسة التصعيد ضد الفلسطينيين وفي التوقيت الخاطئ بما يكشف عن الوجه الإرهابي القبيح لإسرائيل ويخدم مصلحة الفلسطينيين من خلال الانتقادات الدولية لهذه السلوكيات الإسرائيلية المشينة ، وهو ما نراه الآن على أرض الواقع من خلال توتر العلاقات بين واشنطن وتل أبيب إلى حد الحظر الذي فرضه البيت الأبيض على كبار المسؤولين الأمريكيين على لقاء وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون ، وتحذير واشنطن إسرائيل بأنها تخاطر بمستقبل العلاقة مع أقرب حلفائها عندما تواصل الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدس العربية. لكن الرؤية تتضح أكبر في مواقف أوروبا التي بدأت تخطو سريعًا نحو الاعتراف بدولة فلسطين من خلال تصويت العديد من برلماناتها ومجالس شيوخها - بدءًا من بريطانيا – لصالح هذا الاعتراف ، ثم تتويج السويد للحراك الأوروبي السياسي باعتراف حكومتها الجديدة بدولة فلسطين في توقيت بالغ الأهمية حيث يتأهب الفلسطينيون للذهاب إلى الأممالمتحدة لتحديد مهلة مدتها سنتان لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في الوقت الذي تنضم فيه خمس دول جديدة من الدول غير دائمة العضوية لعضوية مجلس الأمن ، أغلبها مؤيد للتحرك الفلسطيني نحو الدولة. من الطبيعي أن تصدر إدانة وانتقاد شديدان من الإدارة الأمريكية - بالرغم من توتر علاقاتها مع إسرائيل- للسويد لأن واشنطن تعتبر أن إقامة الدولة الفلسطينية ينبغي أن تتم عبر المفاوضات وليس بالإعلان من جانب واحد. كما عبرت تل أبيب عن امتعاضها الكبير من قرار استوكهولم الذي اعتبره المراقبون ضربة موجعة لها ، معتبرة إياه بأنه يهدد عملية السلام !. أهمية قرار السويد الاعتراف بدولة فلسطين ، وسر انزعاج إسرائيل الشديد منه ، أنه صادر عن دولة تعتبر في نظر المجتمع الدولي وسيطاً نزيهاً في الخلافات الدولية ، وأيضًا لمكانتها وصوتها المؤثر في الاتحاد الأوروبي ، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى وقوف المزيد من دول أوروبا إلى جانب الفلسطينيين عندما يلجأون إلى الأممالمتحدة . يبقى القول إن تعثر المصالحة الفلسطينية يضع العقبة الأساس أمام التحرك الدبلوماسي الفلسطيني الجديد والتعاطف الدولي المتزايد المؤيد لهذا التحرك ، فالمجتمع الدولي يريد تعريف الدولة الفلسطينية بأنها الدولة الفلسطينية التي تضم الأراضي الفلسطينيةالمحتلة التي تضم الضفة الغربية وقطاع غزة بعاصمتها القدس الشريف ضمن كيان واحد وحكومة واحدة وصوت فلسطيني موحد يمكن التخاطب معه والاستماع له.