انقرض في اليابان عصر المُحاربين القُدماء "الساموراي" الذين ينتحرون إذا فشلوا في معاركهم وهُزِمُوا من قِبَلِ أعدائهم!. لكن ثقافة الانتحار ما زالت موجودة لدى الإنسان الياباني، خصوصاً مع فشله المهني، ربّما أكثر من الفشل في حياته الخاصة، والأخبار ترد من بلاد الشمس المشرقة بشكل يومي عن حالات الانتحار فيها، وهذا يرجع لأنّ الإتقان هو ديدن الإنسان الياباني في مهنته، ولديه حساسية كبيرة تجاه المهنة، فهي مقدّسة عنده كثيراً، ولا يُطيق الحياة إذا نُعِتَ بالفشل فيها، أو علِمَ أنّ فشله كان السبب في أذيّة الكثيرين من حوله، لا سيّما أنه يؤمن أنّ التخلّص من الحياة للإنسان الفاشل هو عمل قد يقتضيه منطق الشرف والأمانة، وأنه بالانتحار سيُريح ويستريح، يساعده في ذلك إيمانُه بتناسخ الأرواح، مثل معظم اليابانيين، وأنه سيُولد مرّة أخرى في هذه الحياة، وسيكون وضعه فيها تعويضاً عن أعماله الفاشلة السابقة، وتعويضاً عن الشرّ بالخير!. من هذا المُنطلق أتساءل عمّا إذا كان حكم كرة القدم الياباني "نيشيمورا" سينتحر بعد فشله الذريع في تحكيم مباراة نادي "الهلال" السعودي ضدّ نادي "سيدني" الأسترالي، وكان فيها حكماً بُورا، إذ سلب "الهلال" ما لا يقلّ عن ركلتي جزاء بنالتي، كانتا كافيتين بإهداء الكرة السعودية، لا "الهلال" فقط، نصراً معنوياً كبيراً تحتاجه كثيراً قبل استحقاقي دورة الخليج وكأس آسيا لكرة القدم، وكان فشله مصدر أذى للملايين من المشجّعين الرياضيين السعوديين، فضلاً عن التأثير السلبي على الكرة السعودية التي تُصرف عليها المليارات، على صعيد الأندية والمنتخبات، ومع ذلك كسفت شمس الانتصارات عنها، ومعها التصنيفات العالمية العالية!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، قالت إنه إذا انتحر نيشيمورا فقد ذهب لربّه الأعلم به، وإن لم ينتحر فما بال المكايد تُنصب للكرة السعودية بينما بعضنا مشغولون بالشماتة في بعضنا الآخر؟ كأنّ الكرة خُلِقت لتفرقة أبناء الوطن لا جمعهم وتآخيهم؟. @T_algashgari [email protected]