جذبت الأحداث الجارية على الحدود السعودية - اليمنية انتباه مراكز الدراسات الدولية، لجهة التأثيرات المتوقعة على المنطقة عموماً واليمن خصوصاً، وتناولت التقارير الصادرة أخيراً المواقف السياسية للقوى الإقليمية في المنطقة والتأثيرات الاقتصادية المتوقعة. وذكر «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» في تعليقه على الأحداث الجارية على الحدود السعودية - اليمنية، أن السعودية لطالما كانت حذرة من التدخل في الشأن الداخلي اليمني، مشيراً إلى المواقف السياسية السعودية، وقال: «إن الحدث الأخير وضع السعودية في موقف اتخاذ القرار، الذي ظهر من خلال بيان مجلس الوزراء السعودي بتعهده جعل المنطقة الحدودية خالية من المتطفلين - في إشارة إلى الحوثيين». وأضاف أن «السعودية مع اقتراب موسم الحج، وعلى رغم الأحداث الجارية، فتحت أبوابها للحجاج القادمين من اليمن، وهو ما ظهر في أمر أمير منطقة نجران الأمير مشعل بن عبدالله الأخير إلى المسؤولين ببقاء الحدود مفتوحة»، مؤكداً (التقرير) الاهتمام السعودي بالحدود الجنوبية مع اليمن، والتي بقيت محل تساؤلات. وأشار تقرير المعهد إلى أن الأزمة في اليمن قد تحمل تأثيرات فعلية على الأمن في منطقة الخليج العربي، في ظل بقاء اليمن موقعاً استراتيجياً على مضيق باب المندب، وموقعاً قريباً من عددٍ من الدول الأفريقية غير المستقرة، وهي المنطقة التي تشهد عبور أكثر من 3 ملايين برميل نفط يومياً إلى أوروبا، ما يزيد من تعقيد الوضع، إضافة إلى كون المنطقة ما زالت تعاني من آثار عمليات القرصنة الصومالية. ولفت التقرير إلى أن الموقف الأميركي من الأزمة اليمنية أصبح أيضاً أكثر تعقيداً، مع جهود الرئيس الأميركي باراك أوباما لإغلاق معتقل غوانتانامو ومحاولات إدارته الاعتماد على اليمن في تحقيق أنموذج مماثل لبرنامج المناصحة السعودي للعائدين من المعتقل الأميركي، وهي جهودٌ لا يساعد وضع اليمن الداخلي في تحقيقها. ووافقت مجلة «تايم» الأميركية في تقريرها الأخير عن اليمن، ما توصّل إليه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وقالت المجلة: «إن الأزمة اليمنية الداخلية تضخمت بشكل متسارعٍ خلال الأسبوع الماضي مع دخول المتمردين الحوثيين إلى الأراضي السعودية، ما دعا الحكومة السعودية إلى الرد العسكري بشكل سريع». وأضافت أن «البوادر تهدد بتحويل الحرب المحدودة إلى أزمة أكبر، مع دخول إيران كعاملٍ مشترك في الأزمة بحسب تصريحات الرئيس اليمني علي عبدالله صالح»، الذي قال: «هم (الحوثيون) يريدون اتباع النظام الإيراني، وهذا مستحيل، فنحن شعب واحد»، في إشارة إلى أن صعدة وسكانها جزء لا يتجزأ من الشعب اليمني. ولفتت المجلة الانتباه إلى تقريرٍ صدر عن مجموعة «يوراسيا» للاستشارات، الذي أشارت فيه إلى تنامي خطر تنظيم القاعدة في اليمن، وتحوله إلى تنظيم يحاول بناء منظومة متطورة في ظل تزعزع الاستقرار الداخلي، وهي عوامل قد تتكامل - بحسب التقرير- لتتسبب في تهديد استقرار السعودية، مع احتمالات هروب لاجئين من الأوضاع الداخلية اليمنية. من جهتهم، ذهب محللو مجلة «الشؤون الخارجية» الأميركية في شؤون الشرق الأوسط إلى النتائج السابقة نفسها، مشيرين إلى الاتفاق السعودي - اليمني على تورط إيران في دعم أهداف التمرد الحوثي، بينما يبقى اليمن تحت تأثير الهجرات والنازحين من القرن الأفريقي، والحراك في الجنوب، الذي يستغله تنظيم القاعدة في تحقيق هدفه السياسي المعروف ضد السعودية، ما يؤكد - بحسب محللي المجلة - أن السعودية ستتخذ دوراً أكبر في حل هذه الأزمة التي تمثل خطرأ أمنياً على السعودية. وطرحت «دايلي تيلغراف» البريطانية تساؤلاً مفاده: «هل يمثل اليمن خط المواجهة الأكثر خطراً في الحرب على الإرهاب»؟، وقالت: «إن اليمن يواجه ثلاث أزمات هي: تنظيم القاعدة الذي بدأ يزرع جذوره بشكل قوي في المنطقة، ودعوات الانفصال في الجنوب، والتمرد الحوثي في الشمال. ويبدو الأخير بينها مع الحوثيين هو الأقل أهمية، إلا أنه الأكثر تدميراً، بمحاولاته إطالة أمد الحرب، ومحاولاته استقطاب أطراف أخرى». فيما أشارت نشرة «دومينون» الكندية إلى المواقف السياسية الإقليمية تجاه الحرب على الحدود السعودية - اليمنية، وذكرت أن المسؤولين الأميركيين والباكستانيين ينظرون إلى منطقة الجزيرة العربية كأرضية جديدة للأنشطة الإرهابية، وأن تنظيم القاعدة بدأ في التحرك إلى دول كاليمن والصومال. وتابعت الصحف والتقارير الموقف الإيراني في أزمة التمرد الحوثي في اليمن، إذ سلطت الضوء على تحذيرات وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي، والتي وجهها إلى دول المنطقة بعدم التدخل في الشأن الداخلي اليمني، وهي التحذيرات التي لم تستمر طويلاً قبل العرض الإيراني بالتدخل بين الحكومة اليمنية والتمرد الحوثي، وإعلان وزير الخارجية عن زيارة إلى السعودية لدرء الفتنة. التصريحات والمواقف الإيرانية المتناقضة رسمت أكثر من علامة استفهامٍ عن حقيقة الموقف الإيراني الأخير بحل الأزمة اليمنية، خصوصاً بعد حال الصمت الرسمية الطويلة، التي صاحبها تغطية إعلامية إيرانية أضفت طابع الطائفية بشكل واضح على الحرب الدائرة جنوب السعودية. الصمت الإيراني ذاب فجأة بالتوازي مع مناشدات قادة حركة التمرد الحوثي للسلطات السعودية بوقف العمليات العسكرية، وجاء متلبساً لغة الوسط، وهو ما ظهر في تصريحات نقلتها صحيفة «ترك نيوز» على لسان أستاذ الاتصالات الدولية في جامعة طهران فؤاد ازادي، والتي قال فيها: «ان الموقف الإيراني واضح، ولا يريد رؤية الأزمة الداخلية تتحول إلى أزمة إقليمية لأن هذا يهدد الاستقرار الإقليمي للمنطقة بأكملها».