في بعض الإدارات المتردية تستطيع أن تعرف المدير أو الشخص المؤثر من خلال الاطلاع على أسماء وألقاب من يتولون المناصب القيادية ، ففي الغالب ستجد خيطاً من قبلية أو مناطقية أو نفعية يجمع معظم قيادات تلك الإدارة ! . الكارثة إن كان هناك أكثر من ( مدير ) في نفس الإدارة ، عندها تتحول إلى (إدارة رايح جاي ) تتشابك فيها خطوط الواسطة كما تتشابك خطوط الهاتف ، الكل (يعيّن)على ليلاه ، على طريقة ( إمسك لي وأقطع لك ) . في بريدي رسالة طويلة من موظف محبط يقول فيها : " لقد ملأت الواسطة إدارتنا بقيادات ضعيفة لا تفقه شيئاً ، فقط لأنهم موالين لسعادة المدير أو (من طرف) أحد معروف .. المسابقات تجرى لذر الرماد في العيون فقط ؛ أما الاختيارات فمعروفة مسبقاً ، حتى امتلأت الإدارة بشخصيات مهزوزة ،لا تقدم شيئاً للوطن ولا للمواطن لأنها ببساطة لا تملك شيئاً ، كل ما يملكونه هو النفاق و (الترزز) والتسبيح بحمد (كبيرهم) آناء الليل وأطراف النهار ! . لقد أصيب معظم الموظفين الأكفاء بالإحباط لدرجة أننا صرنا نتبادل النكات فمن يريد منصباً عليه أن يبحث عن واسطة من زبانية المدير" ! . الفساد الإداري لا يعني فقط التلاعب المالي وسرقة المال العام ، إحباط العاملين وقتل طموحهم من أشد وأخطر أنواع الفساد ، ذلك أن الموظف المحبط عبء على الدولة لأنه غير منتج .. ولاشيء يقتل طموح العاملين أكثر من غياب العدل الوظيفي وتدخل الواسطة لوضع الرجل في المكان غير المناسب . قبل أيام اختار رئيس الوزراء السويدي لاجئة بوسنية مسلمة عمرها 27 عاماً لمنصب وزير التعليم ، وهو اختيار يجيب على كل من يتساءل : لماذا تتصدر السويد قوائم النزاهة والشفافية في العالم ؟.. فالكفاءة والإنتاجية هي من تفرض نفسها هناك بغض النظر عن أي اعتبارات إثنية أو عرقية أو مذهبية. من المنطقي جداً أن المدير الذي يهبط على منصب ما ( ببراشوت) الواسطة ؛ لن يعرف أسلوباً غيرها للبقاء في منصبه، وسيحاول تغطية عجزه ببناء منظومته ومحميته الخاصة ، التي يعتقد أنها ستحميه وتدافع عنه وتطيل عمره في المنصب ، فيغرقهم بالمناصب ويبعد كل الكفاءات خوفاً من انكشاف جهله وزيفه !. الجمود التنموي يثبت أن لدينا مشكلة كبيرة في بعض من تولوا مسؤوليات أكبر من حجمهم ، وهو ما دعا أحد الأصدقاء ممن لسعهم كرباج الواسطة لأن يقول :" لكي( تمشّي) أمورك في إدارات ( تكفى ) ، عليك أن تسأل الموظفين أولاً وقبل كل شيء : مديركم وش يعوّد ؟! " [email protected]