المستشار في عرف أي نظام إداري ناجح هو الشخص الذي يمتلك من الخبرة والمعرفة الإدارية ما لا يعرفه غيره ، لذا تطلب مشورته ويخطب وده لأنه ببساطة مرجع في هذا الجانب .. هذا في أعراف الأنظمة الإدارية الناجحة، أما في الأعراف ( المبروكة) لبعض اداراتنا فالمستشار هو الموظف الذي تورطت فيه الإدارة أو المؤسسة ، ولم تعد تعرف كيف تتخلص منه ، لذا تخلع عليه هذا اللقب المهيب ، ثم ( تزحلقه ) بزفة كبيرة وإجازة شبه مفتوحة إلى زمرة المستشارين العاطلين عن العمل ، والذين تراهم -للأسف- يملأون العديد من إداراتنا دون عمل حقيقي ودون إنتاجية ملحوظة !! .. مجرد ( حضور وانصراف ).. بل إن بعضهم يُعفى حتى من الحضور، ليصبح عمله (انصراف) فقط ! . حدثني أحد المطلعين على مثل هذا الوضع في إحدى الإدارات في بلادنا أن مديره الذي ينعم بصحبة جيش من المساعدين والوكلاء وموظفي السكرتارية ، قد اتخذ لنفسه مستشارين يفوق عددهم عدد مستشاري بعض رؤساء الدول النامية .. والسبب ليس حاجته لخبراتهم ، فمعظمهم لا يعرف الفرق بين خط الرقعة وخط الاستواء .. السبب الحقيقي أن سعادته ( ورطان فيهم ) ! . ولأنه لا أحد من الموظفين يرى هؤلاء المستشارين إلا في أوقات ( الزفة ) والاحتفالات أو على موائد الولائم فقد أطلقوا عليهم لقب ( تنابلة المدير) ، لأنهم لا يفعلون شيئاً أكثر من أنهم يأكلون وينامون وينعمون بصحبة مديرهم ! . خطر هذه السياسة الإدارية لا يتوقف عند حدود سلبيات (البطالة المقنعة) المعروفة مثل الهدر الإداري و زيادة الأعباء والتكاليف الإدارية على المؤسسة بل يتعدى ذلك إلى ما هو أخطر وأكبر ففي مثل هذه الادارات التي تنتشر فيها عملية التوظيف بالمحاباة والواسطة بدلاً عن التوظيف وفقاً للكفاءة تتدنى الروح المعنوية لدى معظم العاملين ، مما يؤدي إلى تدني الإنتاجية الى حدودها الدنيا ، وتسرب الكفاءات والخبرات الحقيقية التي تشعر بالغبن والإحباط نتيجة لهذه السياسة .. مما سيؤدي ولاشك إلى انتشار الفساد الإداري داخل تلك الإدارات والمؤسسات. أبسط طريقة لهدم مؤسسة هي إحباط وقتل طموح العاملين فيها .. وأسرع طريقة لفعل هذا الأمر هو وضع الرجل في المكان غير المناسب. الفساد لا يعني فقط الفساد المالي ..إحباط العاملين وقتل طموحهم من أشد وأخطر أنواع الفساد. [email protected]