لقد منّ الله عليَّ منذ أكثر من خمس عشرة سنة بالعمل بمستشفى الدكتور سليمان فقيه، وكنت قريبًا من صاحب المستشفى ومؤسسه الدكتور سليمان فقيه، ومعجبًا بطريقة عمله وتعامله مع جميع العاملين بالمستشفى، فقد كان حريصًا أشدّ الحرص على سمعة المستشفى الذي شيّده بمجهود شخصي منذ أكثر من ثلاثين سنة، وعلمت أنه كان يعمل طبيباً في وزارة الصحة، ومن ثم إداريًا، وانتقل لعيادته الخاصة بمكة المكرمة، ومن ثم بدأ في إنشاء هذا الصرح الطبي العالمي. ولقد قابلت كثيرًا من المرضى الذين كان يشرف على علاجهم في عيادته الخاصة، وكانوا يثنون على علمه وحسن تعامله مع المرضى. وعندما عملتُ بالمستشفى، كنت ألاحظ اهتمامه بالمريض، وكان حريصًا أن يزور المرضى المنومين بصفة يومية، حتى أصبح المرضى ينتظرون زيارته يومًا بعد يوم، وكان في ذلك يتلمس احتياجات المريض عن قرب، ويضع في أولوياته راحة المريض، ولا يقبل بأي تقصير يكون سببًا في عدم إعطاء المريض ما يستحقه من الاهتمام والرعاية والعلاج. وكان في زيارته للمرضى يتعامل معهم بطريقة أبوية، حتى أنه كان يستطعم الأكل مع المريض ليتعرف على جودته، ويهتم بكل التفاصيل الدقيقة، حتى أصبح المرضى يشعرون بأن هذا الصرح الطبي هو مستشفاهم، وليس مستشفى خاصًا. الدكتور سليمان فقيه كان يهمّه أن يكون المستشفى واحداً من أفضل المستشفيات العالمية، وكان المستشفى عبارة عن مبنى واحد في بدايته حتى أصبح أربعة مباني كبيرة، وكان يستقطب أفضل الكوادر الطبية الممتازة أصحاب القدرات العالية، ويعد المستشفى الآن واحداً من المستشفيات العالمية التي نفخر بها في بلدنا، حيث تم فيه معالجة كثير من الحالات المستعصية، وأجريت عمليات القلب المفتوح وزراعة الأعضاء. وكان أيضًا يحضر ليلاً لمتابعة الطوارئ، ومن مبادئه أن كل مريض يتم تنويمه في المستشفى لابد أن تتم معاينته من قِبَل استشاري القسم المناوب حال تنويمه. وفي إحدى مناوباتي ليلا حضرت الطوارئ في ساعة متأخرة ليلا فوجدته رحمة الله عليه عند المريض. ومن منجزات الدكتور سليمان فقيه كلية التمريض، والتي ساهمت في تدريب وتخريج ممرضين وممرضات يساهمون في خدمة وطنهم، وهذه الكلية لها دور كبير في تدريب شباب الوطن وتوظيفهم. لقد أفنى الدكتور سليمان فقيه حياته في خدمة الطب والمرضى، حتى أنشأ مستشفى من أكبر المستشفيات في المملكة، والذي يقوم بخدمة كبيرة للمجتمع. ويعتبر الدكتور سليمان -رحمة الله عليه- واحداً من الرجال الذين خدموا وطنهم ومجتمعهم بإخلاص.. نسأل الله أن يغفر له ويرحمه، ويجزيه عنّا خير الجزاء.