مجتمع آخر لحظة، هذا هو المسمّى الحقيقي للحالة التي نعيشها ليلة العودة للمدارس، ازدحام رهيب، شوارع مكتظة المكتبات تستمر للساعة 12 ليلاً دون توقف، والوضع يصبح مأساويًّا، ودائمًا ما أتساءل: لماذا الناس يتركون أمورهم إلى آخر لحظة؛ ليتم إنجازها، والانتهاء منها، وكأنهم يعشقون الازدحام، واللهث وراء قضاء الحاجات قبل بدء العام الدراسي بساعات، حالة تجعل المضطر للخروج في ليلة بدء العام الدراسي يلغي كل مخططاته حتّى لا يقع ضحية الازدحام الرهيب، وهذا ليس مستغربًا علينا كمجتمع؛ لأننا -وللأسف- اعتدنا على ذلك، فنحن لا نعرف ترتيب وتخطيط قضاء احتياجاتنا في أوقات مناسبة بعيدة عن الذروة، وهذا المشهد يتكرر ليس فقط في بداية العام الدراسي، بل مع بداية الإجازات، وبداية رمضان، ونهاية رمضان، وقرب عيدي الفطر والأضحى، والمضحك أنك حينما تتجوّل تشاهد رهبة الناس وانشغالهم، وكأنّهم تلقوا خبر العودة للمدرسة قبل قليل، ويرغبون في الإسراع لإكمال ما فاتهم، في حين أن الإجازة كفيلة؛ لأن نستعد قبلها بوقتٍ كافٍ ونرتّب أمورنا، بل إن العام الدراسي لهذه السنّة جاءنا بعد فترة كافية من إجازة عيد الفطر، وبذلك فلا يوجد مبرر لعدم استكمال الاستعدادات المدرسية قبل وقت وتركها لآخر ليلة، وبالرغم من أن المشهد جميل، ونحن نرى المجتمع يستعد للعام الدراسي، وفرحة الأولاد، لكن تظل المشكلة هي في أن يتحوّل هذا المشهد لاختناقات مرورية، تعيق الناس في قضاء حوائجهم الضرورية، كمراجعة مستشفى، أو حدث طارئ -لا سمح الله- إن الطرق في ليلة العودة للمدارس تكون مزدحمة، لدرجة أن الشخص يقضي قرابة ربع ساعة أمام كل إشارة مرور، من كثرة الزحام، والشاهد أننا نستطيع -انطلاقًا من حسّ المسؤولية- أن نتعاون على أن نغيّر هذا الوضع بأن نترك عادة شراء حاجتنا في اللحظات الأخيرة.