سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عيد سعيد أم عيد شهيد ؟ لقد عبَّرت كلمة الملك عبد الله عن الموقفين الرسمي والشعبي للمملكة تجاه أحداث غزة ، ودعا من خلالها المجتمع الدولي إلى إيقاف ما أحسن في وصفه بأنه مجزرة في حق الإنسانية
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم الإسلامي بتباشير عيد الفطر المُبارك تُقام في غزة احتفالات مأساوية عِطرها دماء الأبرياء ، وقرابينها أجساد الأطفال ، وخزيها مزيد من الذُّل وإهدار الكرامة على الأرض العربية التي لم ترض بمثل هذه " المهزلة " في تأريخها ، ولكنها للأسف الشديد تعيشها في هذه الحقبة - واقعاً مؤلماً - والمُخجل أنها تُمارَس في ظل حماية دولية ، وشبه غياب إسلامي وتقهقر عربي عن الصدع بفعل الحق لا قوله ، وعن الالتزام بروح المعاهدات الدولية لا الالتواء عليها بمُبررات تُخوِّل للمحتل ارتكاب جريمة القتل العمد تحت ذريعة ضرب أهداف عسكرية مثلَّت خطراً مستمراً على أمن الكيان الصهيوني ، كما وأن الصمت المُطبق للعرب والمُسلمين عكس " تشرذماً " توارثته قياداته التي توقف فعلها عند الشجب والاستنكار وعقد الاجتماعات التي لا تُسمن ولا تغني من جوع . إن ما يحدث على الأرض في غزة لم يكن الأول من نوعه ولن يكون الأخير ؛ لأن الجيش الصهيوني توّاق دائماً لممارسة همجيته على أجساد المواطنين العُزَّل ، وسفك دماء النساء والأطفال الأبرياء ؛ لذا فإن أية تسوية مع هذا العدو جدواها محسوم سلفاً بالسلب ، فالحق المسلوب لا يقبل المساومة ، والأرض المُحتلة لا تقبل القسمة على اثنين ، فالعرب - الشرفاء - سئموا من مسرحية " مفاوضات السلام " المُخجلة ، وفقدوا الثقة في التعاطي الدولي لتداعيات حل القضية الفلسطينية بشكل جذري ؛ لسبب بسيط يتمثل في أن كل الأطروحات تُعزز بقاء المُحتل وتٌقلل من حق صاحب الأرض ، وتتغاضى عن كل السلوكيات الهوجاء لإسرائيل في التعامل مع كل ما يُهدد استقرارها ، وتُعلي صوتها جهوراً عندما يَرُدُّ الفلسطينيون على هذه السلوكيات بضرورة " ضبط النفس " فأي نفس يُمكنها أن تُضْبَط وحماها مُنتهك ، وأي قانون عادل يُخول لجهة ممارسة القتل ويمنعه عن الأخرى ؟!! لقد وصل السيل الزبى في مسلسل الصراع العربي الإسرائيلي الذي بدأ منذ منتصف القرن العشرين ، وهذا ما أفرزته كلمة الملك عبد الله في كلمته المُقتضبة التي وجهها للأمة وأكد فيها أن يتحمل العرب – أولاً – رد كرامتهم المنتهكة صباح مساء على الأرض الفلسطينية ، وعلى مسمع ومرأى من العالم أجمع " فعلاً لا قولاً " واتخاذ كل التدابير العملية لإنقاذ الأشقاء من جرارات الجيش الصهيوني المُتبخترة وكسر شوكتها ، والمسلمون – ثانياً – تطبيقاً لما قاله المولى – جلَّت قدرته – " إنما المؤمنون إخوة " فالأخوَّة لا تقف عند حد الفُرجة فقط دون تفاعل يُرسِّخ مدلول الأخوة في سياقها العملي ، والمجتمع الدولي – ثالثاً – الذي يُطْبِق الصمت الرهيب على تحمل مسئوليته تجاه ما يحدث في فلسطين ولا يقوم بضغط قوي على الحكومة الإسرائيلية لردعها عن الاستمرار في بربريتها العسكرية . لقد عبَّرت كلمة الملك عبد الله عن الموقفين الرسمي والشعبي للمملكة تجاه أحداث غزة ، ودعا من خلالها المجتمع الدولي إلى إيقاف ما أحسن في وصفه بأنه مجزرة في حق الإنسانية ، في إشارة إلى أن ما يحدث فيها ترفضه كل تراتيل العقائد الدينية مهما تعارضت في توجهاتها ، ولا يقتصر إنكارها على سماحة الدين الإسلامي التي أكدت في حديث صحيح على أن قتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا . بقي أن نوِّجه النداء للفصيلين الرئيسين اللذين يتقاسمان السلطة الرسمية في قطاعي غزة والضفة بأن يتجاوزا كل الإسقاطات السلبية التي تقف حجر عثرة في طريق لقائهما تلبية لنداء المصلحة العُليا لفلسطين ، وأن تتحد كل جهودهما في دحر العدوان عن غزة بكل الوسائل ومهما كلف ذلك من مال أو دم . [email protected]