أثار مقال سمو الأمير تركي الفيصل ، المنشور في صحيفة الشرق الأوسط الجمعة الماضية ، والذي كان بعنوان « نحلم بقيادات فلسطينية أكثر حذراً» ردود أفعال واسعة في الأوساط السياسية , وتعليقات مابين مؤيدة وأخرى متشنجة ، ولم يخلُ من المتربصين الذين يكنون العداء للمملكة والذين فسروا ماجاء في سطور ذلك المقال على هواهم ، واعتبروه مشجعاً على ممارسة القتل والتدمير الذي تقوم به اسرائيل على سكان غزة ، وأن سموه يُحمّل في مقاله ذاك حماس مسئولية المجازر في غزة ، ولم يذكروا من مقاله ذاك سوى قوله « إن ماحدث مؤسف بشكل أكبر لأن الفلسطينيين في الضفة الغربيةوغزة كانوا ينظرون إلى المصالحة بين حماس وفتح كوسيلة للتخفيف عن آلامهم ، كما إن موافقة حماس على البقاء خارج الحكومة منحهم المزيد من الأمل بأن الأمور تسير نحو الأفضل ، والآن حدث العكس ، ولم يبق للمرء إلا أن يحلم بأنهم سينجحون في إيجاد قيادات أكثر حذراً « .. ولم يأتوا بالجوانب الإيجابية التي سبقت تلك السطور , والتي أبدى فيها سموه امتعاضه الشديد من مواقف أمريكا وبعض الحكومات الأوروبية التي جعلت اسرائيل تواصل اعتداءاتها على غزة ودعمت «نتنياهو « في اعتدائه الهمجي ، وتضامن سموه غير المحدود مع أهالي غزة ، هذه الإيجابيات أغفل عنها أولئك المتربصون بقصد . إن الأشقاء في غزة استهدفتهم القرارات الخاطئة قبل أن تستهدفهم قوات الغاصب المحتل , وأنا هنا ، أتحدث باسمي ، لا أشكك في وطنية كل الذين ينتمون لحماس ، ولكنني أتمنى أن يظهر من بينهم قيادي أكثر حذراً ، « يقيس قبل الغطيس « كما يقول المثل الشعبي ، يعرف قوة العدو ، ويستفيد من طرح المبادرات ويستغلها متى مارأى أن الأحداث تسير في غير صالحه . يقول الرئيس السادات في كتابه (البحث عن الذات ) « لقد دخلت أمريكا الحرب لإنقاذ اسرائيل حتى بالأسلحة تحت الاختبار ، وقنبلة المافريك وأسلحة أخرى .. وأنا أعرف حدودي .. لن أحارب أمريكا ، فكتبت للأسد برقية أخطره فيها أني قررت الموافقة على وقف إطلاق النار .. وسجلت في هذه البرقية موقفي ، وهو أني لا أخاف من مواجهة اسرائيل .. ولكنني أرفض مواجهة أمريكا .. وأني لن أسمح أن تُدمر القوات المصرية « . لقد رفض الأشقاء في حماس المبادرة المصرية التي جاءت بعد يومين من المواجهة ، وكانت حصيلة هذا الرفض قتل وجرح الآلاف وتدمير البيوت والمكاتب والبنى التحتية ، أما أسباب الرفض فكانت بدوافع سياسية ، وتعقدت الخيوط الآن أكثر بعدما قررت الحكومة الإسرائيلية استمرار الحرب ، واشترطت إيقافها بنزع سلاح حماس ، وباركت أمريكا هذه الخطوة ، ولا أحد يعرف إلى أين تتجه الأمور. دعاؤنا لأهل غزة بأن يفك أسرهم , وأن ينصرهم على قوى البغض ، وأن يحقن دماءهم ، وأن يجعل لهم مخرجاً من هذه المحنة التي ابتلوا بها ، وما النصر إلا من عند الله . [email protected]