أضيفٌ أنت حلَّ على الأنامِ وأقسم أن يُحَيّا بالصيامِ قطعت الدهر أنوارًا وفيّاً يعود مزاره في كل عامِ نسخت شعائر الضيفان لمّا قنعت من الضيافة بالمقامِ بأن الجود حرمان وزهد أعزُّ من الشَّراب أو الطعامِ أطل علينا ضيف انتظرنا قدومه من العام للعام، أقبل ومنَّا من استقبله ومنَّا أيضًا من رحل قبل أن يبلغه، والحمد لله أن بلغنا إيّاه ونحن في تمام الصحة والعافية؛ كي نؤدّي حق الضيافة على أكمل وجه. ضيفنا تحف أيامه ولياليه الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، ضيفنا شهر ليس كبقية شهور العام، ضيقنا رمضان.. شهر الصيام والتقوى. أهلاً وسهلاً بضيفٍ أشع قدومه نورًا بيننا. أهلاً وسهلاً بشهر الترويض والتأديب والإصلاح. أهلاً وسهلاً بمن يحمل في جعبته المودة والسلام. أهلاً وسهلاً بهدية الفضل من الكريم لعبده. يقول النبي عليه وعلى آله وصحابته أتم الصلاة والتسليم: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاء، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ". مقابلة الإحسان لا يكون إلاّ بتمام صيامنا وقيامنا وطاعاتنا قولاً وفعلاً، ومجانبة المعاصي والفتن والانشغال بأمور الدنيا مأكلها وملبسها. يومًا إثر يوم يروّضنا هذا الشهر الفضيل على القيم والخلق الإسلامي الحق في تعاملاتنا مع الله، ثم مع عباده والتي ينبغي أن تسفر عن ثقافة المداومة على الطاعات طوال أشهر العام، ولا تقصر على شهر رمضان وحده. بعد تلك العطايا الجزلى التي أنعم الله بها علينا في شهر واحد.. من صيام، وتلاوة للقرآن، وقيام بالليل.. هل أدركنا أنه ينبغي أن تربي فينا.. أن مقابلة العطاء لا يكون إلاّ بالعطاء؟ وكيف لا يكون جزاء إحسانك علينا يا الله إلاّ الإحسان امتثالاً وطاعةً وتعبدًا. [email protected]