عزاءٌ من القلب، تَصحَبه دعوات صادقة بِأن يُفرِغ الله الصبر إفراغًا على قلوب أسرة المبتعثة الشهيدة -بإذن الله- ناهد ناصر الزيد، ذات الثمانية والعشرين ربيعًا، أستاذة الأحياء في جامعة الجوف التي اغتيلت في بريطانيا، وهي ذاهبة إلى المعهد القريب من سكنها، غفر الله لها وأسكنها فسيح جناته. هذه الحادثة وأمثالها من الحوادث التي حصلت لبعض أبنائنا في الخارج، ممن أجبرتهم أنظمة الجامعات الداخلية على الابتعاث فذهبوا دون رغبة شخصية منهم، نتيجة هذا التضييق، فأصبحوا بين مطرقة الفراغ والبطالة، وسندان الغربة، فهما بين أمرين أحلاهما مُرٌ. ومنهم من أجبرته أنظمة التعليم العالي على الابتعاث، حين ألزمت كل المعيدين والمحاضرين بإكمال دراستهم خارج البلاد، أو تحويلهم للكادر الإداري، أو ترك الوظيفة، دون أدنى مراعاة للظروف الأسرية والبيئية والنفسية والاقتصادية. فكم من أُسر اضطرت للنزوح بكاملها لتلك البلدان وهي لا تملك المقدرة المالية لإعالة أسرة بكاملها، فباعت كل ما تملك، وتحملت كل المخاطر والصِّعاب خوفًا من التشتت الأسري، وكم من فتيات ذهبن للدراسة، والخوف والرُّعب يطاردهن ليل نهار، لأن ظروف المحرم أجبرته على المغادرة وتركها وحيدة بعد ابتعاثها، ناهيك عن العذاب النفسي الذي يرزح تحت وطأته الكثيرون، فليس كل إنسان يتحمل الاغتراب.. وأيضًا هناك من ذهب وأصابته صدمة الانفصام الحضاري نتيجة النقلة السريعة بين الحضارات. وهناك قصص عن نساء رفضن العودة مع أزواجهن وطلبن الطلاق، لرغبتهن العيش في الغرب، وفي مقابل ذلك هناك شباب آثروا العيش في بلاد الابتعاث، وأجبروا أسرهم على ذلك، أو أرجعوهم إلى البلاد وتخلوا عن مسؤوليتهم تجاههم. قصص ومواقف سلبية أفرزها الابتعاث الإجباري، أنا لست ضد الابتعاث الواعي المنظم، الذي يخضع لاختيار الفرد ورغبته، فيستطيع معه تكييف نفسه وظروفه، فيذهب وقد درس مشروع الابتعاث من كل جوانبه، ما يجعله يدرس مرتاح البال، فيحقق النجاح المرجو.. وهذا ما نلمسه في أغلب حالات الابتعاث الاختياري. فهل بعد هذه الحادثة ستُراجع وزارة التعليم العالي قرارات الابتعاث الإجبارية، وتجعله اختياريًّا؟!. [email protected]