أبدى الدبلوماسيون الأوروبيون في بروكسل تشاؤما كبيرا بشأن الفرص الفعلية لتجنب الدخول في مرحلة جدية من المشادات السياسية والاقتصادية مع روسيا بعد أن أخفقت الأطراف الأربع الموقعة على اتفاق جنيف يوم 17 ابريل الجاري في ترجمة بنوده على الأرض. وتشهد أوكرانيا خاصة مناطقها الشرقية أعمال عنف متكررة بين أنصار موسكو والسلطات الإدارية التابعة للحكومة المركزية في كييف. ويتهم الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكيةروسيا بالضلوع بشكل أو بآخر وراء حالة انعدام الاستقرار في شرق أوكرانيا بهدف إحباط العملية الانتخابية المقررة ليوم 25 مايو المقبل . وتنفي روسيا هذه الاتهامات ولكنها تواصل مناورتها العسكرية على مشارف أوكرانيا فيما يستمر حلف " الناتو " في تعزيز انتشاره في دول شرق أوروبا ومنطقة بحر البلطيق. وقال دبلوماسي أوروبي في بروكسل اليوم إن الدول الأوروبية كثفت من اتصالاتها خلال الساعات الأخيرة لتحديد آلية التعامل مع هذه التطورات. ويواجه الاتحاد الأوروبي في الواقع ساعة الحقيقة حيث أن أي تورط روسي مباشر وعسكري على الأرض في شرق أوكرانيا سيقلب المعادلة الأوروبية رأسا على عقب وسيجبر الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة على الدخول في مرحلة سن الحزمة الثالثة من العقوبات الموجعة ضد روسيا التي ستطول قطاعات حيوية من اقتصادها . ويتوقع أن يجري الرئيس الأمريكي بارك أوباما اليوم اتصالات مباشرة مع عدد من القادة الأوروبيين لحثهم على اتخاذ موقف مشترك وصارم تجاه روسيا . وتعتمد أوروبا بشكل كبير على إمدادات الغاز والمواد الأولوية من روسيا كما انها تعتبر سوقها التجارية الأولى . واقترحت ألمانيا اليوم إرسال وفد من الترويكا إلى أوكرانيا يتكون من الولاياتالمتحدةوروسيا والاتحاد الأوروبي للبدء في التنفيذ العملي لاتفاق جنيف . ولم ترد ردود فعل على الاقتراح الألماني الذي تعمل من خلاله برلين على تفعيل دور منظمة الأمن والتعاون الأوروبي ومنح المنظمة مكانة رائدة عبر وساطة ثلاثية تشرك الأطراف المعنية مباشرة بالوضع الأوكراني. ويقول الاتحاد الأوروبي إن روسيا لم تطبق أيا من بنود اتفاق جنيف وهو نفس موقف الولاياتالمتحدة حاليا. وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في بروكسل إن الاتحاد الأوروبي لا يبدو متسرعا في سن الحزمة الثالثة من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا وسيقوم باستنفاذ جميع المساعي الدبلوماسية المتاحة قبل الاضطرار إلى تجاوز هذه المرحلة. ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعا دوريا يوم 15 من مايو المقبل ينظر إليه الدبلوماسيون على كونه الموعد المحتمل لفرض العقوبات الجديدة ضد روسيا ، وفي حالة استمرار الطريق المسدود الحالي وتفاقم الموقف على الأرض . ويسبق الاجتماع الأوروبي بعشرة أيام فقط تنظيم الانتخابات الرئاسية والعامة في أوكرانيا التي يراد منها أن تمنح هذا البلد إطارا سياسيا يمكنها من التقارب الهيكلي و العضوي مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو . وقال رئيس لجنة شؤون الدفاع في البرلمان الأوروبي في بروكسل، آرنو دانجون إن الاتحاد الأوروبي استبعد بشكل نهائي الخيار العسكري في التعامل مع تطورات الأزمة الأوكرانية وإنه لايزال يواجه تردد ألمانيا في فرض العقوبات الاقتصادية . وتتزعم ألمانيا مجموعة من الدول تضم النمسا واليونان واسبانيا وايطاليا وهي ترفض الدخول في مواجهة غير محسوبة العواقب مع روسيا .