من خلال استعراض أحد كتب الدراسات الأدبية، لفت انتباهي اهتمام الكاتب بنوع من الشعر العربي القديم، أطلق عليه اسم الشعر الرعوي، ويتناول الشعر المتعلّق بالصحراء، وما يتبع ذلك من مشاهد الحياة البدوية المرتبطة تحديدًا بالحيوان، وحركة القبائل العربية خلف موارد الماء، ومساقط الغيث، ومنابت الكلأ، وفيه حديث يفيض بمشاعر وعواطف جيّاشة، تمتد عبر مساحات من الفراق إلى اللقاء، وفيها أوصاف لحياة العربي الذي تتقاذفه ظروف الحياة، والتنائف، والبيد التي يقطعها وهو يتغنى بمشاعره تجاه معشوقته على ناقته، ويلتقط الأوصاف من النباتات والأحياء والأشياء التي حوله، وقد أعجبت كثيرًا برؤية العربي لعناصر التشابه، وكذا وجوه المقارنات التي يمضي بها قدمًا ليتجاوز الواقع إلى آفاق خيالية رحبة، غير أن الذي جعل إعجابي يصل إلى حد الضحك هو أن الكاتب أضاف للشعر الرعوي قسمًا جديدًا مهمًّا في نظره، وهو رعي النجوم، حيث وجد الكاتب الأجنبي أن الشاعر العربي يتحدث عن سهره طوال الليل، وهو مفارق لمحبوبته، ويذكر أنه بات يرعى النجوم، وفي ضوء ذلك جعل الكاتب مبحثًا لرعي النجوم ضمن مباحث الشعر الرعوي، لأن السياق الثقافي الحضاري مختلف بين الكاتب هنا والشاعر هناك، فكان هذا يساوق خيال الشعراء.