سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أين المدن الاقتصادية الأربع ؟! ومع هذه التسهيلات التي تقدمها الدولة للمدن الاقتصادية الوليدة منذ ثماني سنوات؛ إلا أن واقعها لا يشجع على استمرارها؛ فهل نجد خطوة من قبل الجهات المعنية لمعالجة هذا الخلل؟!
ناقش مجلس الشورى في جلسته العادية السابعة والعشرين وضع المُدن الاقتصادية التي تم إقرارها قبل ثماني سنوات، واتسم النقاش بالنقد الحاد من قِبَل الأعضاء لمستوى الإنجاز الذي تحقَّق على أرض الواقع في هذه المُدن التي كان يُعوَّل عليها إحداث نقلة في التنمية الاقتصادية بناءً على الأهداف التي رُسمت لها، والمتمثلة في توطين رأس المال الوطني واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وإيجاد فرص عمل وظيفية لشباب وشابات الوطن إضافة إلى تنويع القاعدة الاقتصادية، ولكن يبدو أن الطموحات أكبر بكثير من التنظير الذي أوقعنا في فخَّ التعثر لهذه المشروعات التنموية الخلاَّقة؛ فالملاحظ أن واقعها لا يعكس مؤشرًا يجعلنا نُجدد الثقة كمشاهدين في قدرة هذه المُدن على تحقيق الأهداف المرسومة لها سلفًا. فلعلي أعرض بعضًا من الملحوظات التي طرحها الأعضاء ومناقشتها، والتي أرى وجاهتها في تقييم هذه المُدن لما وصلت إليه من وضع؛ فبدلًا من ضخ المزيد من رأس المال الوطني في شرايين هذه المُدن، نجد أن المطوّرين يطلبون قروضًا من الدولة بهدف إنجاز البنى التحتية لها، كما أن القائمين على إدارة المدن الاقتصادية لم يُبيّنوا رقمًا -ولو تقريبيًا- لقدرتها على كم ستستطيع كل مدينة في استيعاب الأيدي العاملة من الشباب المٌتعطش للقضاء على بطالته سوى مدينة الملك عبدالله التي أوضحت أن الفرص التي ستُتيحها المدينة ستبلغ أكثر من ثمانية عشر ألفًا، ولكنه -أيضًا- يبقى رقمًا في السجلات، وليس واقعًا ملموسًا، والأدهى أن الأنشطة التي بدأت في المدن الجديدة لا تتجاوز أن تكون تكرارًا لما هو موجود، وهذا يعني أنها لم تأتِ بجديد، خاصة في الاتجاه الحديث المتمثل في الاقتصاد المعرفي.. والمُحزن عدم توافر خطط شاملة للتنمية الاقتصادية عند المطوّرين مشفوعة ببرامج عملية لتنفيذ هذه الخطط، وهذا ما أدّى إلى تغيير بعض المُطوِّرين كما حدث في مدينتي الأمير عبدالله بن مساعد وجازان؛ مما يعني أن دراسة العروض المُقدمة من المطورين لهيئة المُدن الاقتصادية لم تخضع لمنهجية علمية لمعرفة مدى قدرة المطور المتقدم على الوفاء بالالتزامات لاحتياج هذه المدن، مما يعكس أن الاختيار لم يحظَ بالشفافية الكافية من قبل الهيئة للمطورين، واستمرارًا في ضبابية الرؤية حول خط مسار هذه المُدن هو إسناد تطوير مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد إلى هيئة المدن الصناعية؛ مما يعني اختزالًا مُخلًا لا يتواءم مع شمولية مفهوم المدن الاقتصادية مقارنة بمحدودية عمل المدن الصناعية، أما الجانب الإحصائي الذي يكشف جانب الإنجاز المُتحقق في هذه المدن، فتراوح بين صفر إلى 1%، الأمر الذي يعني أن أثر هذه المُدن ضعيف جدًا مقارنة بما هو مأمول منها؛ مما أدى بأحد الأعضاء لتوجيه انتقادًا ليس لهيئة المدن الاقتصادية بل لمجلس الشورى لعدم القيام بدوره الرقابي على هذا المشروع العملاق، ولعل الشيء المُحيِّر وغير المنطقي في التقرير المُقدَّم من قبل هيئة المدن الصناعية هو الإشارة إلى ضرورة مشاركة الدولة في حل هذه المُعضلة، في الوقت الذي يُعتبر الأصل في تنفيذ عملها هو إسنادها إلى شركات مساهمة بعيدًا عن الدعم الحكومي لها، ومع هذا فقد قامت الدولة بمنح شركة إعمار -الشركة المُشغلة لمدينة الملك عبدالله الاقتصادية- قرضًا بقيمة خمسة مليارات ريال، إضافة إلى إدخال الغاز لها على نفقة الدولة، واستمرارًا للتسهيلات قامت الدولة بإمداد شركة مدينة المعرفة -الشركة المُطوِّرة لمدينة المعرفة الاقتصادية في المدينةالمنورة- بشبكة من القطارات، ناهيكم عن السماح لها بتنفيذ مشروعاتها العقارية بعيدًا عن نظام الأمانة. ومع هذه التسهيلات التي تُقدمها الدولة لهذه المُدن الوليدة منذ ثماني سنوات؛ إلا أن واقعها لا يُشجع على استمرارها؛ فهل نجد خطوة من قِبَل الجهات المعنية لمعالجة هذا الخلل المتراكم؟! هذا ما نرجوه.. والله ولي التوفيق! [email protected]