درجت في الفترة الأخيرة عبارات وتشبيهات استخدمها المجتمع للفكاهة، وخصوصًا بين الجنسين، وأصبح الجميع يستخدمها في الأحاديث والمجالس، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، من أبرزها (أم ركب سودا)، و(أبو سروال وفنيلة)! وبالرغم من أنها في بداية إطلاقها كان الجميع يضحك عليها، ولا أنكر أنى كنتُ من هذه الفئة التي تضحكني هذه التشبيهات، إلاّ أنه أصبح هناك تمادٍّ في إطلاقها، مع تركيب قصص وأحداث مختلفة على هذا التشبيه، الذي أدّى إلى انعدام الاحترام المتبادل بين الذكور والإناث في المجتمع. ولا أبالغ حين أقول إن الإفراط في استخدام هذه العبارات يمكن أن يخلق علاقة مهزوزة بين الرجل والمرأة؛ لأن تكريس الصفة السلبية في اللاشعور يكون أعمق في حالة ربطه بتشبيه ساخر. وقد فاجأتني (إحدى السيدات في محكمة جدة، وهي تدّعي على زوجها، مطالبة خلعه، وتقول حسبي الله عليه «أبو سروال وفنيلة»، ما شفت منّه إلاّ الهم)، وكانت في حالة بكاء لحظتها. شعرت أن مصطلحات المواجهة التي أطلقها الشباب بين الجنسين من باب الفكاهة انتشرت؛ لدرجة أنها أصبحت قرينة تطلق على أي موقف سلبي يُذكر فيه الرجل السعودي، والمراة السعودية، والمقاطع في اليوتيوب أكبر دليل على ما ذُكر، وهذا كفيل أن يساهم في تصدير صورة غير جيدة، ويخلق أجواء غير مناسبة من الأفكار والمعتقدات، والتي تنعكس على مستوى التجاذب الإيجابي بين الجنسين، وخصوصًا في العلاقات الأسرية.. البعض يتساءل: ما هي الأسباب التى جعلت العالم ينظر لنا بصورة منقوصة؟ والإجابة: إن الصورة التي يكوّنها المجتمع عن نفسه، ويروّج لها هي الصورة التي ترسخ في أذهان الآخرين من ثقافات وبيئات مختلفة، ولذلك فصورتنا نحن من نكوّنها ونشكّلها، وإذا انتقصنا من احترامنا لذاتنا لا نطالب الآخرين بضرورة الاحترام، وأيضًا على الجميع أن يتكاتف لإعادة صياغة مفهوم السعوديين، والسعوديات وطرحها بالشكل الإيجابي المشرّف لنا، ولا ننسى أن الوطن مليء من النماذج الفاعلة من الجنسين ولا يرضيهم ما يتم تداوله بشكل غير مسؤول، وغير مدرك لعواقبه، ناهيك عن انها صفة منهيّ عنها شرعًا، فقد نهى عنها الله في قوله تعالى: (ولا تنابزوا بالألقاب») وهي الألقاب المسيئة التي تقلل من شأن الإنسان.