المشاجرة التي تمّت بين مالك المدرسة الخاصة وبين مديرها، والذي نشرته هذه الصحيفة قبل ثلاثة أسابيع، تكشف إلى أي حد وصلت إليه تجارة (التصاريح) المتفشية في بلادنا، وهي ليست قاصرة على قطاع التعليم -التجارة الرابحة- ولكنها تتعدّاه إلى قطاعات أخرى، كبعض المستشفيات والمستوصفات، ووكالات الإعلان، والشركات الكبرى والصغرى، والمصانع، والمطاعم، والبقالات، والورش بمختلف مسمياتها وتخصصاتها، وحتى محطات الوقود، وأقول بعضها وليس جميعها، وذلك بواسطة التأجير من الباطن، ويحرص أبطالها على أن تظل هذه العقود سرية قدر الإمكان، وما هو ظاهر على السطح من اكتشاف لم يكن سوى نقطة من بحر هذا الفساد الغارق فيه بعض ضعاف النفوس الباحثين عن الثراء بدون رأسمال وبأيسر الطرق. البعض يصدر تراخيص عدة لنشاط واحد، ويفتح فروعًا في معظم مناطق المملكة، ومن ثم يقوم بتأجير تلك التراخيص على مقيمين، ويقبض المعلوم مع بداية كل عام، وإني لأتساءل: أين الجهات المعنية عما يحدث؟! فالمفروض إذا كان الترخيص تعليميًّا فإن إدارة المنطقة التعليمية مسؤولة عن مراقبة تلك المدارس ومتابعتها والتأكد من أن صاحب الترخيص هو الذي يقوم بإدارة ذلك النشاط وليس غيره، فلديها مفتشون تنحصر مهامهم في التفتيش على المدارس الحكومية وكذلك الخاصة، وينطبق ذلك أيضًا على الشركات والمؤسسات التي يجب مراقبتها من قبل وزارة التجارة ودوائر البلديات كل فيما يخصه حتى يتم القضاء كليًّا على هذا التلاعب. انظروا إلى مئات الآلاف من البقالات الصغيرة، والسوبر ماركت، والمطاعم، وورش السيارات، من الذي يتصدر إداراتها، ومن الذي لديه الكلمة الفصل في البيع، أو تقديم الخدمة لتكتشفوا إلى أي مرحلة من الغفلة وصل إليها بعضنا المضحوك عليهم من قبل العمالة، ولا يجنون غير الفتات. يقول لي أحد الزملاء الحاصل على ترخيص (وكالة إعلان) بأنه تلقى عرضًا بمبلغ 50 ألف ريال شهريًّا مقابل تأجير الترخيص، ليزاول العمل آخرون متخصصون في العمل الإعلاني، ولكنه رفض، رغم أنه فشل في نشاطه، بل وخسر، فما بالكم بالعروض التي يتلقاها أصحاب المقاولات والشركات الكبرى التي ترسو عليها المناقصات بعشرات الملايين؟! حدث ولا حرج. الواجب أن تنهض تلك الدوائر من سباتها، وتقضي على هذه الظاهرة عبر مفتشيها الكثر. [email protected]