للإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- آراء في المشورة ومنها: الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استبد برأيه، وكذلك: نعم المؤازرة المشاورة، وله مقولة مشهورة بأن من شاور الناس شاركها في عقولها، وأن من أعجب برأيه ضل، ومن استغني بعقله زل، وسيد الخلق يؤكد على أن ما تشاور القوم إلاّ هدافهم لأرشد أمورهم، والدين النصيحة، والمستشار مؤتمن، وغير ذلك ممّا ورد في الآيات البيّنات في أمر الشورى، وما كتب من خواطر في مسألة المستشار الذي لا يُستشار في المرة الماضية لا يقلل من دور المستشار، والمعذرة لمن فهم ما كتب في غير مقصده. هناك مستشار قانوني، ومستشار شرعي، ومستشار فني، ومستشار أمني، ومستشار مالي، ومستشار اقتصادي، ومستشار أكاديمي، ومستشار أسري، وغير ذلك من التخصصات كالثقافة والإعلام والتربية يفترض أن يؤدّوا رسالتهم على الوجه الذي اؤتمنوا عليه. والمشورة لا ينبغي أن تطلب إلاّ من ذوي الحل والعقد. هناك نصائح عامة في أمر المشورة حفلت بها الأدبيات منها: لا تشاور مشغولاً، ولا جائعًا، ولا مذعورًا، ولا مهمومًا. والمثل العربي المعروف يقول: استشر عدوك تعرف مقدار عداوته، ولا تستشر جبانًا فيخوفك، ولا حريصًا فيبعدك ما لا ترتجي. ويلزم الحرص على اختيار من تطلب منه المشورة فليس كل طالب علم شرعي يحسن المشورة، فبعضهم لا يجيد مقاصد الشرعية، فيوقعك في الأذى دون قصد منه كما كان يفعل بعض الإخوان -سامحهم الله- عندما كانوا يقفون بالقرب من الجمرات أو يتجولون بسياراتهم، يرددون على الحجاج بكل اللغات بأنه لا يجوز الرمي قبل الزوال، ومن أخذ بنصائحهم تعرض للهلاك عند الجمرات، وعلى المؤمن الحق أن يستفتي قلبه، ورب العزة والجلال ميز الإنسان عن سائر الكائنات الحيّة بالعقل، ولسقراط الحكيم مقولة: شاور الجميع ثم شاور نفسك. وفي الختام فلابد من تحية وإعجاب وتقدير لكل أولئك المستشارين المخلصين الذين يملأون حياتنا بمشورتهم الطيبة ويعينون الناس على ما يعتريهم من عقبات ويذللون لهم الصعاب. وهناك أبيات من الشعر في هذا السياق للشاعر العباسي أبوالفتح البستي وهي: خصائص من تشاوره ثلاث فخذ منها جميعًا بالوثيقة وداد خالص ووفور عقل ومعرفة بحالك والحقيقة فمن حصلت له هذي المعاني فتابع رأيه والزم طريقه [email protected]