هذا مثل عربي . مع أنني أراه غير دقيق . ومثل آخر يقول: المشورة عين الهداية . وبيت شعر فصيح يقول: إذا بلغ الرأي المشورة فاستشر برأي نصيح أو نصيحة حازمِ وقول آخر : المشورة لقاح العقول . كل هذه الأقوال في صالح المستشارين أو المكاتب الاستشارية ، وحتى الطب فالاستشاري هو غير الطبيب العادي ، وأجرته أكثر . وجاءت المشورة في التنزيل بأكثر من موضع ، (وأمرهم شورى بينهم) سورة الشورى ، (وشاورهم في الأمر) آل عمران . والمشورة شيء من التطوّع ، ولم يكن مانحها يطلب أجرا ، ولا يُفترض فيه ذلك . إلا أنها تحوّلت في زمننا إلى مستشار ثابت الوظيفة يتقاضى راتبا شهريا سميناً . كما في المصارف أو شركات الإعمار ، فالأخيرة تُعلن في الصحافة أن مستشارها هو فلان الفلاني ، وهذا الإعلان إشهار له ، إضافة إلى مايتلقاه من راتب كامل الدسم ومكافأة السنة . النوع الآخر من المستشارين هم الذين يأخذون مكافآتهم بالقطعة . وهؤلاء مطلوبون عند عامة الناس وأهل المشاريع الصغيرة . وبعض الأحيان يسرقون الفكرة من عملائهم ويسوّقونها إلى من يحتاجها لقاء " أتعاب مشورة " . وكانت كلمة المستشار إبان الاستعمار البريطاني لبعض أجزاء الوطن العربي صفة بغيضة ولا يستسيغها الوطنيون ؛ حيث كان الإنجليز يُعينون " مستشارا " في كل وزارة ، وهو حاكم فعلي في الخفاء . قال الشاعر العراقي الشبيبي واصفا وزيرا يسيّرهُ مستشار بريطاني : المستشار هو الذي شرب الطلى فعلامَ يا هذا الوزير تعربدُ حتى الغربيون صاروا يطلقون النكات على المستشار والاستشارى فقالوا إن بلدية أحد الأحياء ظلت تتلقى شكاوى الجوار من كثرة القطط الضالة . وعندما درسوا الأمر وجدوا أن قطاً فحلًا يسكن الحيّ ، وأنه سبب ذاك التكاثر . وبما أن جمعية الرفق بالحيوان تُقاضي من يقتل قطاً أو يتسبب في موته . قرروا حجب قدرته الجنسية جراحيا . فعلوا ذلك وتركوه طليقا . لكن ظاهرة كثرة القطط انقطعت لبعض الوقت ثم مالبثت أن تواصلت من جديد . وجدوا أن الهرّ تقاعد ، والتحق بدورة استشارات في هارفارد .. !