عجبتُ لذلك المليونير العربي الذي أجاب قبل سنوات -وبكل برود لمذيعة إحدى القنوات- عندما سُئل عن رأسماله فقال للسائلة: هل تقصدين رأسمالي قبل سؤالك هذا أم بعده؟ يعنى حتى الثواني تفرق في تكوين ثروته! وعجبتُ أيضًا لذلك المليونير العربي الذي قال مؤخرًا بكل افتخار في إحدى القنوات إنه كان يعمل سائقًا لحافلة، والآن يستطيع أن يشترى أكبر مشروع على وجه الأرض.! ولنا أن نسأل هذا السائق المليونير، ماذا فعلت بعد أن أصبحت مليونيرًا يُشار إليك بالبنان، وبعد أن كنت سائقًا محدود الدخل؟! هل لمست بنفسك وأنت الآن في قمة مجد الثراء مدى الألم النفسي لحيلة اليد والعوز والفقر، وبالتالي المرض؟! وما هو شعورك بذلك وقد عشت فترة من فترات حياتك ذلك الوضع السيئ المؤلم؟! وكما قلت "بعظمة لسانك": إنك الآن تستطيع أن تشترى أكبر مشروع دنيوي في العالم.! فهل فكرت في شراء مشروعات للآخرة الدائمة والتي هي خير وأبقى؟! وهل سألت نفسك كم من هبات قدمتها للهيئات الخيرية لدعم مجتمعك؟! وهل تكونت لديك الدوافع القوية لمساعدة نظرائك الذين هم أقل حظًّا منك ولم يحالفهم الحظ بأن يلتحقوا بركب الثراء؟! أم أنك تفعل كما يفعل بعض أثرياء عالمنا العربي، المصابون بتخمة المال، لكن ليس لديهم أيادٍ بيضاء، وحملات للعطاء البتة، حيث إن لديهم مناعة تلقائية فى تقديم العون لمجتمعهم فيحرِّمون أموالهم على بنى جلدتهم؟! فبعضهم يصرف الملايين بكل مباهاة وكرم وسخاء على كماليات الشهرة والتفاخر كشراء الماعز والبعارين والحمام بحجة أنهم من النوادر؟! كما أنهم يدفعون الملايين بكل أريحية نفس فى شراء لاعبى الكرة، وشراء أرقام لوحات السيارات، وأرقام الهواتف المميزة... وغيرذلك الكثير ممّا يدعو إلى الدهشة والاستغراب..! وبعضهم يُفضِّل العيش فى الخارج فى بلاد اللهو والمرح والترف، والتفاخر بمظاهر الفخامة ليتسابقوا في بذخ الدنيا وبهرجتها في النوادي الليلية. وهنا فى مجتمعنا نجد كثير من الجمعيات الخيرية تئن تحت وطأة العوز والشكوى من شح المداخيل المالية، ممّا يمنعها من القيام بمهامها الخيرية، خصوصًا وأنه قد مر رمضان، شهر الخير والبركة، هذا العام، ولم يكن هناك سخاء وعون لهذه الجمعيات الخيرية، فبعض أثريائنا للأسف يتّسمون بالبخل الشديد، حتى فى أداء الزكاة المفروضة عليهم.. إننا نأسف لهؤلاء الذين تنكَّروا لمساعدة الجمعيات الخيرية فى هذا الوطن، الذى كان سببًا فى تخمة ثرائهم، وقد يكون هذا الثراء على حساب الفقراء.. ونقول لأمثالهم: اتقوا الله فى أنفسكم، واعملوا لآخرتكم، فالفرصة ما زالت مواتية لفعل الخير. فالشاعر يقول: قد مات قوم وما ماتت فضائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات [email protected]