أيًّا كانت الأخطاء أو الجرائم التي ارتكبها فصيل أو تيار سياسي ما، فهذا لا يعني الموافقة على الفجور في الخصومة، واستخدام المفردات الفاحشة والأوصاف البذيئة ضده أو ضد من يتعاطف معه. لقد كان موقفي من جماعة الإخوان المسلمين عموماً، والجماعة في مصر خصوصاً، موقفاً صريحاً وصلباً منذ فوز مرشحهم للانتخابات الرئاسية الدكتور محمد مرسي بمنصب رئاسة الجمهورية وحتى عزله. ولقد كنت ولا زلت أقول بأن الجماعة حاولت الترويج لنسخة من الإسلام «غير حقيقية» تقوم على الفاشية. وأذكر أنني قلت بأن الفاشية الدينية هي أخطر أنواع الفاشية، لأنها تتعامل مع قتل المختلف باعتباره فضيلة وتخلط ذلك الفعل الإجرامي بفريضة الجهاد، في حين يقتصر خطر الأيديولوجيات الفاشية الأخرى على تبرير فعل القتل. كل ذلك كنت ولا زلت أعتقد به وأقوله، لكن تحليل الخطاب والسلوك الإجراميين لا يستتبع بالضرورة توجيه السباب والقذف، وبالذات إذا ما تم ذلك عبر وسائل إعلامية يتابعها ملايين الناس من مختلف الأعمار والمستويات الثقافية، كشاشات القنوات الفضائية مثلاً. ما الذي يبقى عندئذ من أخلاقيات المهنة، واحترام المتلقي، والإنصاف بوصفه قيمة يجب الرضوخ لمقتضياتها عند الخصومة الفكرية؟! لقد استمعت إلى مقطع عبر موقع اليوتيوب للكاتب والصحفي المصري إبراهيم عيسى، وهو يشن حملة شعواء ليس على جماعة الإخوان، وإنما على بعض التيارات السياسية التي كانت تؤمن بإمكانية الوصول إلى حل سياسي معهم قبل فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. وكم كانت دهشتي كبيرة عندما سمعت عيسى وهو يصف هؤلاء بالمخنّثين سياسيا..! بل إن الرجل تجاوز ذلك وقال صراحة بأن كثيراً من هؤلاء -دعاة الحل السلمي- هم مُخنّثون فعلياً، وليسوا مخنّثين سياسياً فقط! بالطبع إبراهيم عيسى وكل مواطن آخر غيره له كل الحق في قبول أو رفض وجهات النظر المطروحة والمتداولة، وإلا فإن حرية الرأي لن يكون لها وجود. لكن أن يتجاوز الإنسان حدود التعبير عن الرأي وتفنيد وجهة النظر المخالفة والرد عليها، إلى القذف وتوجيه السباب للأشخاص واتهامهم بالتخنُّث، فهو ما لا يجوز تمريره تحت أية ذريعة، بما في ذلك الحرب على الإرهاب. طرح كهذا لن يرتقي بوعي الناس، بل إنه سيساهم في تغذية التطرف. [email protected] [email protected]