بعد زلزال الانهيار السريع، لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وما تبعه من تفكك، ما يُسمى بمشروع الإسلام السياسي في المنطقة، وإخفاقها في تحقيق حلمها، مضافاً إليها، فشلها المدوي، في استقطاب مجتمعها، أو الجماهير الرومانسية، ممن هم خارج عشيرتها، ليكونوا الحاضن الأوسع، لمشروعها «السيوإسلامي». يبدو أن مشكلة جماعات الإسلام السياسي تتلخص في نظري في الأسباب الآتية: أولاً: أن جماعة الإخوان المسلمين، وكل تنظيمات الإسلام السياسي من بعدها، تؤمن بأن الديموقراطية وما تتطلبه من انتخابات، ليست إلا فقه ضرورة، وأن المشروع الديموقراطي، ينتهي في الصندوق الانتخابي، وما أن تصل إلى الحكم، فإن تلك العملية الديموقراطية القائمة على المشاركة، والمحاصصة، والتنازلات، هي الكفر بعينه، وهو ما حدث بالفعل في غزة ومصر. ثانياً: أنها لم تتخل يوماً عن أحلام الكفاح المسلح، فها هي اليوم تعلن الجهاد ضد الجيش والشعب المصري، وتستحل دماءهما، كما فعلت «حماس» في غزة ذات يوم، ويقود ذلك أجنحتها العسكرية، التي أبقتها جداراً صلباً تركن إليه، وتقاتل به شعبها عند الضرورة. ثالثاً: أنها تخضع دائماً لأصوات المتطرفين، وتقصي المتسامحين، سواء كانوا في الشارع التابع لها، أو في داخل قياداتها، وهو ما دفع بكثير من القابلين بالإسلام السياسي للتخلي عن دعمه، حتى أولئك الذين قالوا بوجوب احتوائه ودمجه. رابع تلك الأسباب هو اقترابها من الجماعات المتطرفة، وقبولها لعقيدتها، ونظرتها الأحادية للإسلام والحياة، إضافة إلى تزاوج الجماعات الإسلامية ببعضها البعض، وما نتج عن ذلك التزاوج من مخرجات مريضة هجينة، تولد التطرف أكثر من ذي قبل، وهي لم تفكر يوماً في الاقتراب من التيارات المدنية الأخرى، والعيش معها على خط واحد من المساواة والحقوق. كما أن تواضع إمكانات قادتها إدارياً وسياسياً، واعتقادهم أن حصيلتهم الدعوية قادرة على تعويمهم سياسياً، واقتصادياً، إدارياً – يأتي خامساً - إضافة إلى انطلاقهم من حقد طبقي واجتماعي على النخب السياسية، والمالية السابقة، هو ما دفعهم لتهميشهم، في محاولة لخلق كادرهم الإداري الإسلاموي، الذي لا يمكن أن يصنع بالأمنيات فقط. سادساً: أنها أي الجماعات الإسلاموية، سيدة الاتهام وتشويه الخصوم، فهي القادرة على قصف المنافسين واتهامهم بأبشع التهم، وفي خضم الاستيلاء على المجتمع لم تقف يوماً أمام ضميرها، فهي النقية الوحيدة، ولعلها لم تستوعب الدرس حتى الآن، إذ لا تزال لجانها وأتبعاها يمارسون ذلك الفجور في الخصومة، والكذب، والتشويه، لكل من يقول كلمة حق لا تناسبهم. ثامن تلك الأسباب هو الغرور الفاحش الذي تمكن منها، وسقوط وانتهاء الكثير منها كان بسبب ذلك الكبر، والغرور، المختلط بالإعجاب، والإحساس الغامر بالتنزه. أما فشلها الذريع في استقطاب التيارات المدنية في مجتمعاتها، سواء كانوا ليبراليين، أو مدنيين، أو علمانيين، للتشارك معها في طريقها لقيادة المجتمع، فهو تاسع الأسباب، ومن تابع انتقاد التيار المدني الخليجي العنيف، لجماعة الإخوان المسلمين، والجماعات المتحالفة معها، واصطفافه مع المجتمع الثائر في مصر، عليه أن يتذكر أن التيار المدني الخليجي، عانى هو الآخر طوال عقود من فجورها في خصومته، وأنه خبرها، وخبر أهدافها، ونتائجها الكارثية على مجتمعه، قبل المصريين. تأتي العلاقة المشبوهة مع الغرب، وتملقه، بل ولعق حذائه كتاسع تلك السباب، وشاهداً على فشلها السياسي، وانتهازية الجماعة وتوابعها، وصبيانها، ومطلقاتها في الخليج، فهي بنت تاريخها النضالي، على تأليب الجماهير ضد حكوماتهم التي تتعامل مع الغرب، وإذ بها تصبح هي المبتذلة للغرب، والخادمة لمشاريعه ومخططاته، أكثر بكثير من الحكومات الوطنية العربية الأخرى. وأخيراً، وعاشراً، وربما أكثر، أنها لا تتعلم من أخطائها أبداً، فهي تعيش في غيبوبة عن الواقع، وغير مقتنعة ببشريتها، وبشرية أهدافها، ولذلك ستبقى خارج النجاح، وخارج الحكم، حتى ولو استولت عليه لفترة زمنية قلت أو كثرت. [email protected] @dad6176