رحل الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن حمود السميط -رحمه الله- يوم أمس إثر معاناة طويلة مع المرض، وسوف يُصلّى عليه صباح اليوم في الكويت، حيث عاش الشهور الأخيرة ببالغ الصعوبة. تنقل من خلالها بين الكويت ودول أخرى لتلقي العلاج، بعد أن ساءت حالته الصحية بسبب أزمة قلبية، وارتفاع في ضغط الدم. ترك الدنيا بعد أن أدخل الإسلام إلى صدر أكثر من 11 مليون شخص. خرج هذا الرجل باختياره من العز والنعيم إلى الفقر، مرددًا قول الرسول صلى الله عليه وسلم «لَأنْ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». خرج من مسقط رأسه ومن بين أبنائه وإخوانه وأخواته، خرج وهو يحمل شهادة الطب تاركًا خلفه ما سوف تحققه له هذه المهنة من مكانة اجتماعية، ودخل مادي لم يتوجه إلى عاصمة الضباب أو مدينة التراث والمعاصرة أو أميرة التكنولوجيا والحدائق، بل كانت وجهته إلى القارة السمراء. أقام السميط -رحمه الله- مع زوجته في بيت متواضع في قرية مناكارا بجوار قبائل الأنتيمور في إفريقيا يمارسان الدعوة للإسلام بنفسيهما دعوة طابعها العمل الإنساني الخالص الذي يكرس مبدأ الرحمة الذي جذب الملايين من الناس لدين الإسلام. عاشا بين الناس في القرى والغابات يقدمان لهم الخدمات الطبية والاجتماعية والتعليمية. فالسميط لم يتعذر بالإمكانيات المتواضعة في بداية عمله الخيري، بل غامر موقنًا بأن العمل المخلص لله سيجلب له الإمكانيات التي ستعينه. ضاربًا الأمثلة في حب الدعوة ونشرها من خلال العمل الخيري حتى ولو كانت الشعوب المستهدفة شعوبًا لا يفهم لغتها ولا يفهم عاداتها وتقاليدها تحول عمله الفردي بعد إخلاص وإصرار إلى عمل مؤسساتي، بدأه بجمعية العون التي أصبحت أكبر منظمة عالمية في إفريقيا، ويدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب، وتمتلك أكثر من أربع جامعات وعددًا كبيرًا من الإذاعات والمطبوعات، وقامت بحفر وتأسيس أكثر من8600 بئر، وإعداد وتدريب أكثر من 4000 داعية ومعلم ومفكر خلال هذه الفترة، وقلب الآلاف من طالبي الصدقة والزكاة إلى منفقين لها بكل جدارة. فقد طبّق المنهج الإسلامي الواسع في التنمية المستدامة للأمم والشعوب، أسلمت هذه الأعداد لمّا رأوا من أخلاقه وحبه للفقراء في الوقت الذي كانت فيه بعض الجمعيات التبشيرية البروتستنتية لا تعطي الطعام أو تعالج الفقراء إلا أن تشترط عليهم الدخول في المسيحية، بل كان يعرف أن السميط سكن في هذه المنطقة الإفريقية أو زار تلك من خلال التغييرات التي حصلت فيها. يذكر أن السميط ولد يوم 15 أكتوبر 1947 في الكويت، وهو داعية كويتي قضى أكثر من 29 سنة ينشر الإسلام في القارة السوداء أسس لجنة مسلمي إفريقيا سابقًا، وترأس مجلس إدارتها. إضافة إلى ترؤسه مجلس البحوث والدراسات الإسلامية. وترأسه تحرير مجلة الكوثر اسلم على يده أكثر من 11 مليون شخص في إفريقيا وبناء ما 5700 مسجد وتكفل برعاية 15000 يتيم وحفر حوالى 9500 بئر ارتوازية في إفريقيا وإنشاء 860 مدرسة و4 جامعات و204 مراكز إسلامية وقام ببناء 124 مستشفى ومستوصفًا، و840 مدرسة قرآنية، وقام بدفع رسوم 95 ألف طالب مسلم وطباعة 6 ملايين نسخة من المصحف وتوزيعها على المسلمين الجدد ونفذ عددًا ضخمًا من مشروعات إفطار الصائمين لتغطي حوالى 40 دولة مختلفة وتخدم أكثر من مليوني صائم، وشاركه في هذه الاعمال زوجته أم صهيب. وله أكثر من عشرة مؤلفات علمية وحصل على أكثر من ثلاثة عشر وسامًا وجائزة.