يُقال إذ أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع، ومما لا يُستطاع الابتعاد عنه في هذا الزمن وسائل الإعلام خاصة التلفاز، بيد أن ثمة من يحث الناس على مقاطعته وتحديدا خلال شهر رمضان الكريم. طرح كهذا يعد تقليديا لا يراعي معطيات الحياة العصرية، ولا يتناسب مع التحولات الفكرية والتقنية المتسارعة؛ لأجل ذلك لا نرى أي استجابة تذكر تعقب تلك الدعوات التي تتكرر بتكرر شهر الصيام. وهذا يشي بأن خطاب المقاطعة المتعلق بالتلفاز بحاجة لإعادة صياغة كي يوائم الواقع حتى يكون مستساغا ومقبولا لدى المتلقي الذي يتابع ما يروق له مما تعرضه القنوات الفضائية المختلفة. إن ما يبثه التلفاز من مواد متنوعة ليس كله شرا وفي الوقت ذاته ليس كله خيرا؛ فهو مجرد وسيلة توفر الرديء والسمين والقرار بيد مستخدمه الذي لا يجبر على مشاهدة ما لا يحلو له. وفي مثل هذا الشهر من كل عام تزخر الشاشات العربية بكم هائل من المسلسلات والبرامج والمسابقات التي في كثير من الأحيان يجد المتابع نفسه تائها بينها، ويظل توجه الشخص واهتمامه حكما في نهاية المطاف. ولا جرم أنه لولا معرفة القائمين على تلك الفضائيات بكم المشاهدين المرتفع في أيام رمضان ولياليه لما تسابقواعلى عرض بضاعتهم فور بزوغ الهلال وإعلان بداية الشهر الفضيل. مما سبق يتبين أن دعوة المقاطعة ليست ذات جدوى، ومن وجهة نظري أن تثقيف المشاهد وتوجيهه لمشاهدة ما يفيده ويثري معلوماته خير من محاولة عزله بالكلية وجعل التلفاز الذي اعتاد على متابعة بعض مواده محظورا عليه. وذلك لسببين رئيسيين أولهما، أن دعوة المقاطعة كما أسلفنا لن تجد قبولاً وأثبتت الأيام فشلها،وثانيهما أن ثمة فضائيات تطرح برامج ثقافية وعلمية غاية في الروعة، تضيف لمن يتابعها الشيء الكثير، وهي-أي البرامج- متنوعة تلبي رغبات وتوجهات مختلف أطياف المجتمع، فمنها الدينية والتاريخية والحوارية وغير ذلك، ثم إن مقدميها يملكون خبرة وعلما يؤهلهم لتقديم ما يجذب المشاهد ويفيده في حياته العامة والخاصة. وأولئك الذين يصطفون من المواد الإعلامية هذه ما يفيد سوف يجدون أن ذلك لم يأخذ الكثيرمن وقتهم ولم يلههم عن عبادتهم بل على العكس تماما ابتعدوا عن الركون إلى الكسل والدعة واقتطفوا ثماراً يانعة. م. عايض الميلبي -ينبع