أكتب هذا مع اعتذار شديد لكثيرين وبألم أشد. آخر شخص استأذن مني قبل ان يدخن كان في بريطانيا، وامتنع ليدخن خارجا، وكان أستاذي ومدربي العالم المؤلف الذي يكبرني كثيرا وهو ليس في حاجتي ولا على ديني! مهما عشت فعجبي لا ينتهي من الواثق من رضا الحاضرين عن تدخينه ولا يمر بخاطره أن الاستئذان وارد وممكن وضروري! هي ثقة مضحكة مبكية من طرف واحد فيها خروج عن حدود المعقول وقد توصل المدخن إلى حدود الذنب. الخمر، الذي يُلعن كل من يتصل به، تجد أن التدخين يزيد عنه في الإضرار المباشر بالآخرين لأنه يُشركهم في التدخين السلبي رغما عنهم، وأنا هنا أذكر حقيقة صحية ولست أشير إلى أي حكم شرعي عن التدخين. قد يقول مدخن إنني أبالغ فأسأله: هل فكر فيما يجري في خاطر غير المدخن وفي صدره؟ هل فكر كيف يعود غير المدخن من جلسات «ضبابية» لكثرة التدخين ليلقي بملابسه في سلة الغسيل من نتن ما علق بها من رائحة؟ هل فكر في الصغار الذين لا حول لهم ولا قوة أمام تجبر وافراط الكبار «في السن» وإيذائهم لهم بالتدخين؟ ألم ينظر لدقيقة واحدة من سنين حياته في مجلة أو كتاب أو برنامج ليرى القطران في رئة المدخن قد غلب على اللون الوردي الطبيعي، والفساد الذي لا يوفر عضواً؟ ألم ير من قتل التدخين عزيزا عليه أو أتلف له عضواً؟ وهل من كرم وأدب المجلس ومن جمال الشخصية أن يتطاول المدخن ويعكر الهواء ويخرب رئتي جليسه غير المدخن؟ ادمان التدخين من حولنا يؤلم أي عاقل لأن المعاني وراءه كثيرة منها الفراغ والوهم والضعف. ومن العجائب مدخن لا يفقه منع أولاده بأن يبدأ بنفسه فيقتدوا، بل يستمر في التدخين ويمنعهم بالعنف، فذا هم يستمرون في تدخينهم نافرين متعجبين منه ومن أمثاله! اعذرني أخي المدخن وأختي المدخنة فأنا لم أدخن قط وتمنعونني حرية التمتع بنعمة الهواء بينكم بهذا السم الكاتم يحملني على السعال ويطال أبنائي وأحفادي بلا ذنب اقترفناه وفي بلادنا الغالية بلاد الحرمين. ها نحن اخوتي واحبتي في تمرين رمضان العظيم فهل من مدّكر؟ فارس محمد عمر - المدينة المنورة