انطلقت جائزة الشيخ زايد للكتاب بفروعها التسعة لكي تغطي حقول المعرفة والنشاط الثقافي الإنساني المتميّز والخلاّق، وفي هذا السياق، وضعت الجائزة في اعتبارها تكريم المنجز البشري، سواء كان اعتباريًّا أم طبيعيًّا، بوصفه عملاً أصيلاً يضيف جديدًا بمنهجية جديدة. وقد عمدت جائزة الشيخ زايد للكتاب إلى تخصيص فرع شخصية العام الثقافية بوصفها «جائزة تقديرية تُمنح لشخصية اعتبارية أو طبيعية بارزة، وعلى المستوى العربي أو الدولي، بما تتميّز به من إسهام واضح في إثراء الثقافة العربية إبداعًا أو فكرًا، على أن تتجسَّد في أعمالها أو نشاطاتها قيم الأصالة، والتسامح، والتعايش السِّلمي»، حيث تستقبل الجائزة الترشيحات في هذا الفرع حتى منتصف شهر أكتوبر المقبل. وكانت الجائزة في الدورة الأولى لهذا الفرع عام 2007، قد مُنحت الجائزة إلى المترجم البريطاني الجنسية، الكندي الأصل، الدكتور دينيس جونسون ديفز، لما قدَّمه من مساهمات كبيرة في مجال ترجمة بعض عيون الأدب العربي الحديث والقديم إلى اللغة الإنجليزية، وفي الدورة الثانية 2008، تمَّ منحها إلى المغربي الدكتور محمَّد بن عيسى، الذي أسهم في تأسيس «مهرجان أصيلة للفنون والثقافة والفكر»، والذي صار ملتقى سنويّاً للمبدعين من مخلف دول العالم، وفي الدورة الثالثة 2009، مُنحت الجائزة إلى المستعرب الإسباني بيدرو مارتينيز مونتابيث، الذي يُعدُّ رائدًا في مجال مدِّ الجسور بين الثقافتين العربية والإسبانية، وفي الدورة الرابعة 2010، تمَّ منح فرع هذه الجائزة إلى سمو الشّيخ الدكتور سلطان بن محمَّد القاسمي، حاكم الشارقة، تقديرًا لجهوده الريادية الكبيرة التي بذلها في سبيل تحويل إمارة الشارقة إلى حاضرة ثقافية وفي دعم مسيرة العمل الثقافي على المستوى الإقليمي والعالمي، وفي الدورة الخامسة 2011، تمَّ منح الجائزة إلى المستعرب الصيني تشونج جيكون تقديرًا لما قدَّمه لأكثر من نصف قرن في حقل تعليم اللغة العربية، والترجمة، والدراسات العلمية في اللغة العربية بدول الشرق الأقصى، وفي الدورة السادسة 2012، فقد فازت بها منظمة الأممالمتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) التي تستحق التقدير للدور الثقافي الذي نهضت به منذ تأسيسها في تشجيع الحوار، وفهم الآخر، والحفاظ على التنوُّع الثقافي والتعدُّد اللغوي، والتأكيد على نشر التعليم، أمّا في الدورة السابعة 2013، فقد تم منحها لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؛ لما عُرف عن فضيلته من علم وافر، حيث جمع بين البحوث الأكاديمية المتخصِّصة في الفلسفة التي درس أصولها في فرنسا، والبحوث العلمية الجادّة، والمنهج التدريسي الناجح في جامعات عربية عدة، ولما له أيضًا من دور بارز في دعم الوسطية الإسلامية البعيدة عن الغلوّ الداعية إلى ثقافة التسامح والحوار. والملاحَظ على هذه التجارب السبع أنها تنوَّعت من حيث الحقل الثقافي والمعرفي والعلمي والإبداعي والمؤسساتي الذي يشتغل به الفائزون بجائزة هذا الفرع، ولعل هذه الباقة المتنوعة من الفائزين بفرع شخصية العام الثقافية لتعد مؤشرًا لانفتاح الجائزة على تنوُّع الأقاليم، وما يهم في كل هذا التنوُّع هو توفر عناصر الجدَّة، والأصالة، والريادة، والإبداع، والتواصل البشري الفاعل، فضلاً عن خصائص أخرى تجعل أي مكوَّن اعتباري أو شخصية فردية أو مجتمعية نابضة بالعطاء الإبداعي الكبير، ومؤثرة في الحراك الثقافي والمعرفي والتنموي بالعالم المعاصر.