img src="http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/feesl_0.jpg" alt="إلى متى نظل “كائنات مؤجلة"؟!" title="إلى متى نظل “كائنات مؤجلة"؟!" width="120" height="155" / (1) كائنات مؤجلة لم يرضخ لأحلامها واقع ممكن. كائنات استعصى عليها حاضر مؤلم فظلت في انتظار حلم أبدي. كائنات وجدت أمامها جميع الممكنات تتحول إلى مستحيلات في بحث مؤرق عن حياة.. غير الحياة! (2) .. مؤلم (جداً) أن نتحوّل إلى كائنات مؤجلة، تظل تعيش في مدن مفعمة بالناقلات والشاحنات والحفارات.. إلى آخر مدى! مدن استحالت ورش عمل متنوعة دائمة. ليتساءل كل منا متى نعيش في مدن مكتملة مستقرة ينعم فيها المرء بالسكينة والطمأنينة وأطياف أفراح غائبة؟! متى يقول أحدنا للآخر: سأستقل (المترو) في السابعة لأصلك في الساعة ذاتها وعشر دقائق! بدون أن يحمل همًّا للتحويلات المفاجئة والاختناقات المتكررة؟ متى تنقضي لحظة القلق الإنساني الكبرى من مخافة معانقة الجدب والعطش والموت، وهو يظل في انتظار (وايت) ماء قد يجئ أو لا يجئ! متى يتمكن الإنسان (فينا) من صياغة ميزانية عيشه بلا خوف من زيادات مفاجئة وبضائع منتهية ومواد مغشوشة وأحياناً مسرطنة؟ متى يجئ المرض -عندما يجيء- منفرداً بلا تبعاته المهلكة من صعوبة إيجاد سرير يُلملم انتكاسات الجسد، ولا وجل من وصفة طبيب إلى الموت بشهادة الزمالة الطبية العليا في الغش والنصب والاحتيال!، متى نشعر بأن الإنسان داخلنا يستغرق لحظات نشوته في فرح حقيقي، تتحول معه الأرجاء إلى كرنفالات من الفن والجمال والتراتيل العذبة المورقة بالحنين؟ بلا خوف من المُصنِّفين والأوصياء..! (3) متى ينقضي الكائن المؤجل داخلنا، لنسمع أحاديث تلوك المتعة وتنعش حواس الإنسان للاستغراق في حاجاته المعرفية والحضارية والجمالية المستحقة؟.. متى نتحدث في مجالسنا عن كتاب.. عن موقع في الفضاء شيّد أمتانه على قواعد راسخة من الثقافة الحقيقية التي يعم أثرها العقول المتعطشة، وعن فيلم صادر للتو في الصالات المطمئنة؟. متى نتحدث في مجالسنا عن مشروعات إنسانية مجتمعية، لا تنتظر على الدوام مخرجات المشروعات الحكومية الكبرى؟ متى نثرثر لبعضنا بطريقة حميمية عن الخاص والخالص بعيداً عن وجلنا الهائل من الأحكام الجمعية الصارمة، وتحفظنا العجيب على قول ما يختلج حقيقة في النفوس، التي تتشابه مع كل نفوس البشر في الكون الرحيب؟! (4) .. كذلك، فمتى يختفي الإنسان المؤجل داخلنا الذي يتسع أفقه ويسمو فوق كل الاعتبارات الخاصة الفقيرة.. سمواً يُبدِّد تلك الهويات والخصوصيات التي حبسنا أنفسنا داخلها فضاقت بنا الحياة؟! متى يُستكمل تخلُّق ذلك الإنسان المؤجل، ليرتبط الحس الديني لدينا بمفاهيم النظام والعدل وإخلاص العمل والنزاهة والصدق، في رؤية دينية خالصة، لا تجعل من الصلاة والصيام فقط سمات للإنسان المتدين؟! متى نرى ذلك الإنسان المؤجل داخلنا الذي قد تحرر من أوهامه وخرافاته وخصوصياته المضلة، فتوهج العقل فيه لإشعال نعمة التفكير والتدبر، وقياس الظواهر بمقاييس الموضوعية والحياد والاستجابة لشواهد العقل العلمي الكفيل بتحقيق خلافة الله على أرضه المكرمة؟! (5) بجد.. بألم.. بخلاصة الحقيقة الغائبة: "متى" نسعد برؤية هذه المؤجلات فوق الأرض قبل أن نعود رفاتاً في تراب الأرض؟ وهل نظل كائنات مؤجلة فعلا لما لا نهاية، إلى آخر مدى؟!! (6) عنوان هذا النثار من وحي الرواية الجميلة (كائن مؤجل) للجميل الكاتب فهد العتيق. [email protected]