على الرغم من أن الانتخابات الرئاسية في إيران لن تُجرى قبل 14 يونيو القادم، إلا أنه بات من الواضح مَن الفائزين ومَن الخاسرين. فالمرشد الأعلى خامنئي والرئيس المنتهية ولايته نجاد هما أكبر الخاسرين، بينما الرئيس السابق أكبر رفسنجاني هو أكبر الفائزين. فقد قام «مجلس صيانة الدستور» بحرمان رفسنجاني من الترشح للانتخابات، ورغم صعوبة هذا القرار، إلا أنه كان ضروريًا لخطط خامنئي، فمنذ عام 2009 أصبح رفسنجاني معروفًا كناقد لاذع للمرشد الأعلى والرئيس الإيراني، وفي الشهور الأخيرة بدأ الإصلاحيون يدعمون ترشحه لأنهم كانوا يعلمون أن «المجلس» سوف يمنع مرشحيهم البارزين من الترشح، وسرعان ما أصبح رفسنجاني رمزًا للتغيير بين منتقديه السابقين، الذين خلصوا أنه هو وحده من يستطيع تغيير معادلة القوة للحد من سلطة المرشد الأعلى، ولو سُمح لرفسنجاني بالترشح لكان بوسعه تحويل الانتخابات إلى استفتاء على قيادة خامنئي، لذلك قرر المرشد الأعلى الحيلولة دون وقوع هذا التسوماني قبل بدئه. إلا أن حرمان رفسنجاني من الأهلية جعله في وضع ممتاز، إذ بإمكانه الآن تقديم نفسه كقائد كان مستعدًا لتحمل عبء ثقيل من أجل إنقاذ إيران، دون أن يضطر فعلاً إلى مواجهة مشكلات الحكم، كما يمكنه أيضاً إظهار نفسه كقائد شعبوي.. وفي الواقع أن حرمان رفسنجاني من الأهلية يرجح أن يكلف خامنئي والنظام الكثير. وقد منع أيضاً «مجلس صيانة الدستور» أعضاء من دائرة أحمدي نجاد من الترشح للرئاسة، بما في ذلك مدير مكتب نجاد، «رحيم مشائي»، وكان ذلك مناقضًا لموافقته على شخصيات ثانوية على مقربة من اثنين من الرؤساء السابقين: محمد رضا عارف، نائب الرئيس السابق في زمن محمد خاتمي، وحسن روحاني، كبير المفاوضين النوويين السابقين وأحد المقربين من رفسنجاني، ويُظهر الاستخفاف بأنصار نجاد أن خامنئي عازم على منعهم من لعب أي دور كبير في الحكومة المستقبلية. كما يبدو أن خامنئي قد شدد الخناق على الملالي الذين يستندون إلى التنبؤات (الأبوكاليبتيين) -وهم فصيل استخدموا الخطاب المسيحي لحشد الدعم الشعبي لأيديولوجيتهم المتطرفة وإحياء الحمى الثورية، في ثورة واضحة ضد النخبة السياسية التقليدية للجمهورية الإسلامية- وقبلها بأشهر قليلة، دشن محمد تقي مصباح يزدي حملة انتخابية لصالح كامران لانكراني، غير أن لانكراني انسحب من السباق قبل أن يعلن «المجلس» عن قائمة المرشحين المؤهلين؛ وتشير الشائعات إلى أن المجلس طلب منه سرًا أن ينسحب حتى لا يضطروا إلى حرمانه من الأهلية علانية، ويعني انسحابه أن الانتخابات لن تشمل مرشحًا متعاطفًا من الأصوليين المستندين إلى التنبؤات. لا يبدو أن أيًا من المرشحين الباقين قادر على إثارة حماسة الجمهور، لذا يرجح أن ينخفض الإقبال على الانتخابات غير أن النظام سيتجاهل ذلك نظرًا لحساسيته التقليدية إزاء المشاركة في الانتخابات كمقياس لشرعيته وشعبيته، وسوف يركز خامنئي على التلاعب في الانتخابات لصالحه. والآن وبعد أن باتت قائمة المرشحين نهائية، يعمل أفراد من دائرة خامنئي العسكرية/ الاستخباراتية عن كثب لتحديد الشخص الذي سيكون أكثر موالاة للمرشد الأعلى، وحتى الآن تتوجه الأنظار نحو أربعة أشخاص: علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي للشؤون الدولية؛ سعيد جليلي، ممثل خامنئي في «المجلس الأعلى للأمن الوطني»؛ محمد قاليباف، عمدة طهران، وغلام حداد، أحد أقرباء خامنئي ورئيس البرلمان السابق، وتتركز أولوية المرشد الأعلى على الطاعة أكثر من تركيزها على المؤهلات والكفاءة، وبغض النظر عمن سيصبح الرئيس، فإن خامنئي عازم على تجنب التوترات التي مر بها مع الرؤساء السابقين.