خلال الأسبوع المنصرم, التأم بالرياض جمع مايزيد على أربعمائة جامعة دولية في المعرض والمؤتمر الدولي الرابع للتعليم العالي. وقد كان محور جلسات المؤتمر هو " المسئولية الاجتماعية للجامعات ". في الحقيقة لم يكن هناك خيارٌ أفضل – في هذا الوقت – من مناقشة هذا الموضوع، حيث أجاد المتحدثون المشاركون. فلمعالي الوزير د/ خالد العنقري، وللأخ د/ سالم المالك، المشرف على المؤتمر، الشكر والتهنئة على هذا الإنجاز . يُعرّف د/ غلام محمد باهي الأمين العام السابق لاتحاد الجامعات الافريقية المسؤولية الاجتماعية في التعليم العالي، بأنها "مسؤولية الجامعة عن الدعوة إلى ممارسة مجموعة من المبادئ والقيم من خلال وظائفها الأساسية من تدريس وبحث ومشاركة مجتمعية. وتشمل هذه المبادئ والقيم الالتزام بالمساواة والحقيقة والتميز، ودعم العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، والإقرار بكرامة الفرد وحريته وتقدير التنوع وتعدد الثقافات ودعم حقوق الإنسان والمسؤولية المدنية ". وأتمنى أن يوزع المؤتمر محاضرة د/ باهي على كافة الجامعات لأهميتها . يؤكد البيان الختامي للمؤتمر على عدة قضايا من أهمها: عدم الخلط بين مفهوم المسؤولية المجتمعية وخدمة المجتمع حيث تمثل الأخيرة الوظيفة الثالثة للجامعات، كما يجب أن ألفت الانتباه كذلك أنه يجب التفريق بين"الشراكة المجتمعية " والمسئولية الاجتماعية الأشمل والأكبر في مفهومها. ركّز المؤتمرون على تعظيم دور الطلاب في تمكين وتفعيل مفهوم المسئولية الاجتماعية، من خلال الأنشطة الصفية واللاصفية. وذلك من منطلق أن الطلاب يشكلون ثروة ضخمة من الموارد القيمة والمهمّة، حيث سيصبحون مع مرور الوقت، مواطنين منتجين ومؤثرين في تنمية المجتمعات التي تخدمها الجامعة. وفي مداخلة للدكتورة سالي سوزنوويتز " العميد والمديرالمساعد لمعهد ماساتشوستس للتقنية بالولايات المتحدةالأمريكية " ذكرت الكثير من الأمثلة الإيجابية لإبداعات الطلاب وركزت على أهمية تبني وعدم إهمال " أيّ " مقترح إبداعي يقدمونه في هذا المجال. كما أكد البيان الختامي للمؤتمر على مايمكن أن تقدمه الجامعات من خلال تفعيل مفهوم " المسئولية الاجتماعية "، حيث ألقى على عاتق هيئة التدريس وواضعي المناهج في الجامعات، مسئولية اعتماد منهجية متعددة التخصصات في التدريس والتكامل بين العلوم الطبيعية والتطبيقية والاجتماعية، حتى لا تنعزل المعرفة عن سياقها. وبنفس القدر أوصى الجامعات بالتأكد من أن تشمل المقررات المتخصصة أموراً كالبيئة والتأثير الاجتماعي والتداعيات الأخلاقية للنشاط العلمي. وقد أعتبر أحد المشاركين في المؤتمر (د/ يونس :مدير جامعة أسطنبول بتركيا) أن وجود الجامعة بحد ذاته هو: نوع من المسئولية الاجتماعية، لذلك لا تملك الجامعة الا أن تعيش هذا المفهوم وتمارسه .إن ممارسة الجامعات ل "خدمة المجتمع" بشكلها ومفهومها النمطي لا يفي بالمطلوب ودون الطموح، لذلك يجب عليها أن تُغيّر من خططها الاستراتيجية والتنفيذية لتستوعب بكل وضوح وبطريقة عملية مفهوم "المسئولية الاجتماعية" وبكل تأكيد فإن المجتمعات ستراقب هذا التحول وتهتم به. ولقد خلص البيان الختامي للمؤتمر إلى: أن الجامعات هي التي تُدرّب قادة وصناع القرار في المستقبل، لذلك, فإن من مسؤوليتها ضمان أن يصبح خريجوها مواطنين مسؤولين اجتماعياً. وفي رأيي أن نجاح الجامعات في تفعيل مفهوم المسئولية الاجتماعية وإشراك الطلاب فيها " حقيقة لا مجاز" سيضمن ولاء وانتماء مبكرا من شباب الوطن يدوم ويكبر مع الزمن، وفي هذا الضمانة الحقيقية لأمن واستقرار الوطن، وسعادة ورفاهية المواطن . . وبالله التوفيق .