يخطر ببالي كثيرًا عندما أكتب دائمًا عن الكسرة والكسرات، هذا اللون من الشعر يجيده أبناء ينبع.. بلدي الأول.. إن ذلك ربما يثير بعض التساؤلات عند البعض.. إنسانٌ لا أُجيد قول هذا اللون من الشعر أبدًا، ولا أستطيع أن أصنع بيتًا واحدًا بل ولا نصف بيت أي شطرة من بيت، إذًا لماذا حفلت كتبي الثلاثة التي أصدرتها العروج على هذا اللون من الشعر ووضع أبيات منه في كتبي الثلاثة؟ وأُخمِّن أن ذلك جال بخاطر الكثيرين.. صحيح أُحب هذا اللون من الشعر، أُفكِّر كثيرًا في معانٍ صاغها محبوه، في متنوعات عدة استطاع المجيدون لهذا الشعر أن يرسموا بأقلامهم أقوالًا كثيرة مختلفة، جاء بعضها في رسائل لأصدقاء تحمل استفسارًا يريد مرسله الجواب عليه، أو حالة تمر قد تكون طارئة أو قديمة تعيش في أعماقه، وينشد المرسل نصحًا أو علاجًا يأتي إليه في كسرة ردًا عليها.. كما تصاغ من الكسرات أبياتًا تُعبِّر عن مكنون بالقلب، يكشف عنه في قالب يصور أثر معاناة أو غزل، أو ما يدخل في هذا الباب مما يجيده الشباب، أو بعض الكبار ممن يأبون الاستسلام للسن، وتتحرك المشاعر القديمة فيميلون إلى تجديدها، وتأتي الردود الجميلة في بعضها ما يشبه النصح، وفي بعضها ما يميل إلى اللوم أو غير ذلك من مداعبات محببة للنفس.. وتتطور هذه الكسرات مع ما طرأ من تطورات في زمن فيه نعيش، فيأتون بالجديد ويدخلون ذلك في معانٍ جميلة تروق للكثيرين ممن يتابعون قول هذا الشعر، ويصوغون أبياتًا منه دائمًا، وأكثر ما تتكرر هذه الأقوال في مناسبات الأفراح أو الأعياد التي تمر وكأن هذه المناسبات تحرك أنفسًا عاشت ماضيًا حلوًا، وقبيل أن تعكر الحياة ما يُدار في هذه الدنيا من مطامع وأحداث تدفع بهؤلاء أن يروّحوا عن النفس، ولو كان ذلك إلى حين.. كما تأتي هذه الكسرات كنوع من الألغاز يروم صاحبها تفسيرًا لها، أو ما يؤدي إلى المعنى المنشود.. كثيرًا ما يُثار في هذه الكسرات مما تعانيه الأنفس من فراقٍ أو وَلَهٍ أو غراميات.. الكثير من هؤلاء الشعراء فقراء وغير متعلمين.. أما المتعلمون الذين يعيشون حياة ميسورة فيلمس القارئ في أقوالهم جميعًا عزة النفس وسموها وعدم رضوخهم لشيء من الضعف أو الاستجداء.. أكاد أقول إن ذلك يسري على الكل في ينبع.. فقراء وميسورين، صوت الكرامة خُلق تجده يسود الجميع.